للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

عندي لإساءته لا لإرضائه. . . وأما مشاعري الخاصة كإنسان نحو الدكتور طه فليس الظرف اليوم مواتياً للإطناب في وصفها؛ وسأختار الزمان والمكان الملائمين للإفاضة بها دون أن يحمل فعلي على غير محمله). لكن. . ما دام الأمر قد حمل على غير وجهه وسجل عليّ سبباً من أسباب الكدر المانعة من الصفاء، فهل أحجم عن العمل على إزالة الأكدار؟ وإذا كانت الظروف هي التي شاءت أن تختار الزمان والمكان الملائمين للإفاضة بما عندي، فماذا يجب أن أصنع أمام مشيئة الأقدار؟ فلأتكلم إذن ولأقص القصة كما رأيتها وعشتها. . .

الحقيقة أنها كانت قصة انتهت مع الأسف بانهيار صداقة من أعظم الصداقات التي عرفها أدبنا المعاصر. لقد كان مبدأ ظهوري في الجو الأدبي كما هو معلوم نشر (أهل الكهف) عام ١٩٣٣، ولم تكن هذه الرواية بالطبع بدايتي الأولى في هذا اللون من التأليف، بل كانت ثمرة تجاريب عشرة أعوام أو يزيد سابقة على الشروع في وضعها؛ فلقد كنت قبل ذلك أكتب للمسرح المصري روايات مما يلائم جمهور تلك الأيام. فمثلت لي أربع قصص وعهد بالخامسة إلى المرحوم سيد درويش ليضع ألحانها ولكنه اختلف مع المسرح على الأجر المطلوب. وكانت هنالك فيما أذكر سادسة وسابعة لست أدري ما حدث لهما. وإني وإن كنت أوثر نسيان هذه الروايات الأولى إلا أني لا يجب أن أنكر فضلها على تكويني الفني الأول، فلقد كانت هي خير مران لي على ممارسة الحوار، ثم اتسعت آفاقي باتساع نطاق مطالعاتي في أصول هذا الفن في الآداب الأجنبية. وضاقت بي مصر فرحلت إلى فرنسا بعد أن كنت قد سجلت اسمي في جدول المحامين ومهدت أمري لحياة مجدية. ولكن أي شيطان في أعماق نفسي كان يدفعني إلى إضاعة حياتي وراء فن لم يكن له بمصر أي احترام؟ وهنالك في فرنسا قرأت كثيراً وكتبت بالفرنسية نحو أربع روايات تمثيلية مزقت الواحدة تلو الأخرى تمزيقاً عقب الفراغ منها واطلاع بعض أرباب ذلك الفن عليها. فلم أكن قد اهتديت بها إلى شيء يذكر. ولبثت في هذا الجهاد زمناً لا أجد في آدابنا العربية مرجعاً لهذا الفن ولا مصدراً محترماً يجعلني أبدأ منه أو أضيف إليه. إنما كان عليَّ أنا أن أخلق البداية خلقاً. وكتبت بعد ذلك عدة روايات من بينها (أهل الكهف) دون أن أدري أنها موفية بالغرض بعض الشيء أو قريبة من الهدف الذي أسعى إليه. وقد اشتغلت بالقضاء فأنساني

<<  <  ج:
ص:  >  >>