للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

حالة نسبتها العادلة. كذلك ما أعظم الصعوبة التي تعانيها الإدارة إذ ذاك - ارتباكاً وتعقيداً، وهؤلاء الطامعون الماكرون من موظفين في الضريبة أو دافعين سيجدون في هذا الوضع المعقد أعظم الفرصة لغشهم أو تهربهم من دفع بعض الضريبة أو كلها. ويظهر من هذا أن المشرع الحديث أصبح بين نارين بين سوء الظلم في عدم التفريق، وبين الصعوبة والارتباك في إدارة الضرائب عند التفريق إذ يكثر الاختلاس والروغان. وبذا يتضح السبب في قلة اندفاع القوم في هذا السبيل، إذ نجد التفريق مهملاً في الأمم الحديثة أحياناً

هذا مجمل الوضع كما نراه اليوم في العالم المتمدن، أما إذا رجعنا ببصرنا إلى الدولة الإسلامية فقد تأخذنا الدهشة لما نرى فيها من اهتمام جدي بهذه المسألة فقد ميز الإسلام إنتاج الأرض التي تسقى عذباً أو سبحاً من إنتاج الأرض التي تسقى بالدلو والقرب والساقية، حيث جعل العشر على الأولى بينما فرض نصف العشر على الأخرى وذلك لمؤونة القرب والساقية والدلاء

أما التفريق في الضريبة حسب خصوبة الأرض وكلفة الإنتاج فقد ألمح إليه محمد بن الحسن وأبو يوسف وغيرهما إذ قالا: لا يحسب العشر على نفقات البقر، أو أجرة العمال العاملين في الإنتاج

ومن هذا نستنتج أن زارع الأرض الضعيفة يؤدي زكاة أقل من غيره لأنه يخصم من إنتاجه نفقات البقر والعمال، وهي أكثر من نفقات الأرض الخصبة في ذلك طبعاً.

ويقول أبو يوسف: إنه إذا أطعم رب الأرض غيره من مزروعه أو أكل هو فليس على ذلك عشر.

وقد جعل بعض الفقهاء ربع العشر على ما تكثر مئونته من المعادن المستخرجة من باطن الأرض، أما التي تقل فيها المؤونة ففيها الخمس.

وعن علي بن أبي طالب أن الخمس في المعادن المستخرجة من أرض خراج أو عشر. ولا خمس في الفيروزج الذي يوجد في الجبال ولا في اللؤلؤ أو العنبر وكل حلية تخرج من البحر لأنها متعبة كبيرة الكلفة.

وعن أبي حنيفة في رجل مر على العاشر بمال فقال أصبت منذ شهر أو عليّ دين أو قال أديت الزكاة إلى عاشر آخر أو أديت زكاته أنا وحلف على ذلك فهو صادق.

<<  <  ج:
ص:  >  >>