للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

طريق.

ما موضع هذا الكتاب في مكتبة (محمد) وما وظيفته التي يؤديها ولا تؤديها المؤلفات الكثيرة والأخبار المروية، عنه عليه السلام؟

موضع هذا الكتاب أنه خلاصة لهذه المكتبة ولكنها خلاصة (مكيَّفة) تكاد أن تكون شيئاً آخر غير ما استخلصت منه (خلاصة ماهر) والعقاد يقول في أحد أبياته:

ليست خلاصة كل شيء غنية ... عنه وإن كانت خلاصة ماهر

ولكنها في هذه المرة خلاصة تغنى من يريد أن يعرف من هو محمد على وجه التحقيق، لأن فيها من التعليقات والتوضيحات والتحليلات ما يجعلها غنية وافية كل الوفاء، وليس بالقليل أن تستعيض من مكتبته كتاباً

ووظيفته التي يؤديها وينفرد في أدائها، أن كل من عرف (محمداً) من قبل في جميع الروايات والسير والأسانيد والشروح وكل من لم يعرفه كذلك، كلاهما في حاجة أن يعرف (محمداً) مرة أخرى في هذا الكتاب! وأن يرى صورته في هذه المرآة الوضيئة، وإنه لواجد حتماً في الصورة عامة، وفي كثير من جزئياتها جديداً لم يره من قبل في أية مرآة. . . وسينظر ويتأمل ثم يقول المرة بعد المرة: ويْ. . . إن هذا القسم من الصورة لم يكن هكذا في ضميري؛ أو يقول: نعم. . . كنت أعرف ذلك ولكن ليس على هذا النحو الذي أره الآن!!

ومع هذا وذلك، فليس في (عبقرية محمد) خبر غير مروي من قبل، ولا حادثة لم تكن كذلك معروفة، ولا جزئية واحدة لم يتعرض لها الرواة والمحدثون؛ وهذا ما يجعل البعض يقول لأول وهلة: كل ما في الكتاب معروف! وما قد يجعلهم يحسون بالسهولة واليسر في الجهد الذي بذله المؤلف!

والحقيقة أن هذا شعور خدَّاع، وأن عبقرية العقاد ونضوجه في هذه الأيام هما اللذان يهيئان ذلك؛ وإنها لعبقرية - لاشك - ونضوج أن تصنع من المادة الميسرة للجميع شيئاً لم يتيسر من قبل للجميع!

وإن العقاد لمحق حين يرى في مقدمة الكتاب أن الثلاثين عاماً التي مضت بين مولد هذه الفكرة في نفسه وبين تنفيذها، كانت لازمة لفسح نفسه، حتى تستطيع أن تستوعب انفساح

<<  <  ج:
ص:  >  >>