للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[مسيلمة]

بات مسيلمة والكرى لم يطرق جفنه، يفكر في محمد اليتيم كيف انتصر، وصارت له عصبة وقوة، وكيف سر أعداءه وقد بدا لا عدة ولا عدد، وها هو ذا يريد أن يكتسح جنوب الجزيرة بعد شمالها، فتنفرد مضر بالرياسة. لا ورب الشعرى ما تذل ربيعة، ولا ينبغي لها ذلك، وان كان قد دعا لنفسه، فلم ينفرد بالرسالة؟ أولست مثله؟ ولي لسان كلسانه وقومي كقومه بل أشد شوكة. انهم أعراب غلاظ شداد لا يعصوني ما أمرتهم، تدفعهم النعرة إلى نصرتي ظالماً أو مظلوما - والله لأوقدنها نارا ولأكون صاحبها.

دخل عليه صديقه (مجاعة) عند انبثاق النور، واشد ما أدهشه أن رآه جالساً القرفصاء قد دفن وجهه! بين ركبتيه، فنادى مسيلمة فرفع إليه رأسه في صمت وسكون وقد بدت من وجهه عينان أدماهما الأرق فسأله مجاعة؛

- ما بك يا أخي؟ أسوء إعتراك؟

- بل الخير كل الخير

- وكيف صممت عن دعائي وقد ناديت مرارا؟

- ما كنت واعيا

- وما شغلك؟

- كنت في فكر أقض مضجعي، وأطار نومي، وما أحسب أحداً غيري يقوي على احتماله

- وأخوك الذي أذهب ميعة شبابه بجانبك، وأخلق ديباجته مقتحماً الأهوال بين يديك؟ ألما تجده لسرك أهلا؟

- كلا ما ذهبت إلى ذلك، وما أردت أن أثقلك بما ينقض ظهرك، وأشركك في كأس مرة

- ما دمت تشرب منها، فكيف تبخل علي بها؟ وهبها كأس المنية

- بارك الله فيك من عشير، إذن فأصغ إلي - أنت تعلم العداوة التي بين أهلنا ربيعة وبين مضر، وكم أوقدنا الحرب نمدها بأفلاذ أكبادنا ونرميها بزهرات اولادنا، ولم نرض في حال بالذل وسوم الخسف

- وماذا فعلت مضر بنا؟ هل أغارت على حينا؟ هل أرسلت شياطينها على عيرنا؟ هل حمت البيت دوننا؟ هل وترتنا في أهلنا أين. ماذا فعلت؟

- ما فعلت من ذلك شيئا. ولكنها أوقدت نارا وأخال أن ألسنتها ستمتد إلينا، فيهبط العرش

<<  <  ج:
ص:  >  >>