للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

للمصدق (الجابي) أن يقيم بموضع ثم يرسل إلى أهل المياه ليجلبوا إليه مواشيهم فيصدقها، ولكن ليأتهم على مياههم حتى يصدقها هناك، وهو تأويل قوله على مياههم وبأفنيتهم)

أما وقت الجباية فيجب أن يكون في الحين الذي يستسهل فيه المكلف دفع الضريبة أو عندما تتوفر لديه النقود بعد حصاد زرعه أو بيع بضاعته

سأل عمر واليه على حمص سعيد بن عامر بن حذيم: ما لك تبطئ بالخراج؟ فأجابه أمرتنا ألا نزيد الفلاحين على أربعة دنانير فلسنا نزيدهم على ذلك ولكنا نؤخرهم إلى غلاتهم. فقال عمر: لا عزلتك ما حييت

قال الإمام أبو عبيد القاسم: (لم يأت عن رسول الله أنه وقت للزكاة يوماً من الزمان معلوماً، إنما أوجبها في كل عام مرة. وذلك أن الناس تختلف عليهم استفادة المال، فيفيد الرجل نصاب المال في هذا الشهر، ويملكه الآخر في الشهر الثاني، ويكون للثالث في الشهر الذي بعدهما. ثم كذلك شهور السنة كلها. وإنما تجب على كل واحد منهم الزكاة في مثل الشهر الذي استفاده فيه من قابل. فاختلفت أوقاتهم في محل الزكاة عليهم لاختلاف أهل الملك. فكيف يجوز أن يكون للزكاة يوم معلوم يشترك فيه الناس. . .)

حقاً لقد كان الإسلام رفيقاً بدافعي الضرائب كل الرفق موصياً بهم من أجمل الإيصاء. أنظر إلى علي بن أبي طالب يوصي عامله على مصر في أهل الخراج: (. . . فإن شكوا ثقلاً أو علة أو انقطاع شرب أو باله أو إحالة أرض اغتمرها غرق أو أجحف بها عطش، خففت عنهم بما ترجو أن يصلح به أمرهم. ولا يثقلن عليك شئ خففت به المؤونة عنهم فإنه ذخر يعودون به في عمارة بلادك، وتزيين ولايتك مع استجلابك حسن ئنائهم، وتبجحك باستفاضة العدل فيهم، معتمداً فضل قوتهم بما ذخرت عندهم من إجمامك لهم والثقة منهم بما عودتهم من عدلك عليهم في رفقك بهم. . .)

تلك تعاليم سامية بلا ريب وهي مطابقة لما تملي قاعدة الرفق والملائمة ولما يلح على إتباعه علم المالية العامة إلحاحاً.

ولا مراء في إن الإسلام قد شرع للناس شريعة الضرائب الصالحة في الزمن الذي أنغمر فيه العالم في دياجير الظلم، وانحطت فيه الروابط الاجتماعية والاقتصادية انحطاطاً عظيماً. وكأن الإسلام قد جاء بتجربة اقتصادية كبرى برهنت للناس بالبرهان الحي على أن العدل

<<  <  ج:
ص:  >  >>