للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

خطيباً وطنياً لا سياسياً، كما قال الأستاذ كامل بك سليم

التفاتة المسيو هريو التفاتة أديب، وكان هريو في مطلع حياته أستاذ الأدب الفرنسي بجامعة ليون، وكان يعاب عليه الإشراف في شرح أصول الغزل والتشبيب، فلم يكن يرتاد محاضراته بجامعة ليون غير عرائس ليون

ثم تحولت العواطف الوجدانية عند المسيو هريو إلى عواطف وطنية، وهل كانت خطبه في مجلس النواب الفرنسي إلا روائع من الأدب المضمخ بعبير الروح؟

ولم يقف الأدب بالمسيو هريو عند الوطنية المحلية، بل سما به إلى رعاية اللغة الفرنسية في البلاد الأجنبية، فرأس جمعية المسيو لاييك رياسة حقيقية لا صورية، وأمدها بما استطاع من الوقت والمال

عتب عليه المسيو بينار في المؤتمر الذي عقد في يوليه سنة ١٩٣٣ خلف الوعد بحضور افتتاح الليسيه فرانسيه في حلب، فأعتذر بأسلوب لن أنسى وقعه في نفسي، اعتذر بأنه يبيت في القطر ثلاث ليال من كل أسبوع، ثم أعلن استعداده لدفع النفقات التي توجبها الدعوة لنشر اللغة الفرنسية في البلاد الأجنبية

فهل تصدر هذه الأريحية إلا عن أديب؟

وفي ذلك اليوم دعوته لزيارة القاهرة فقال في حماسة: سنلتقي هنالك يا صديقي

وقد بر بالوعد فحضر لافتتاح الليسيه فرانسيه بمصر الجديدة في سنة ١٩٣٨، ولكني ما رأيته ولا رآني، فقد كنت في بغداد، عليها أطيب التحيات

وخلاصة القول أن الأدب عماد الوطنية، ولا قيمة لوطن ليس فيه أدباء

وإذا تحذلق متحذلق فادعى أن الأدباء لا يحسنون غير التغريد فوق أفنان الجمال، أجبناه قائلين بعزة وخيلاء:

إن الجمال وهو أعظم نعم الله في هذا الوجود، ولا يعيب التغني بالجمال غير مرضى الأذواق والقلوب. . . الأمم العظيمة هي التي تتغنى بالجمال، كما يصنع الإنجليز والألمان، وكما صنع العرب في شباب الزمان. . . فمن بدا له أن يغض من شعرائنا لأنهم يتحدثون عن الجمال، فليبادر باستشارة أحد الأطباء

أدب المعاش

<<  <  ج:
ص:  >  >>