للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ليحرف يده ولسانه. . .)

وفي بعض أخبار الظراف والمتماجنين إن سعد بن إبراهيم الكاتب قال يوماً لعبادة المخنث: (يكون مخنث غير بغاء؟ قال: نعم. ولكن لا يكون مليح: يكون مثل قاضي بلا دنية)

ولقد تقاذفها الشعراء في هجوهم. فمن قائل في حث متحكم على إعطاء رشوة إلى قاضٍ:

يا خليّلي يا أبا الغيث درك ... نصب القاضي لكَ اليوم شرك

طلب البرطيل فأبذلهُ لهُ ... يسكت القاضي وإلاّ ذكرك

لا يهولنك دَنِّيَّته ... أعطه من رشوة ما حضرك

وعلى ذكر إعطاء الرشوة للقاضي، وكان أمرها مشتهراً يوم ذاك، قال عمارة اليمني (المتوفى سنة ٥٦٩ هـ) في ترسلاته: (. . . وقاضي مصرك، قدمتا على الوالي، فأدلى القاضي بالدنيه، وأدليت أنت بالهدية. . .)

وكان أبو الحسين محمد بن محمد بن لنكك البصري مولعاً بهجو كلاب بن حمزة العقيلي أبي الهيذام اللغوي. فمن أهاجيه التي تعرض فيها للدنية قوله:

نفسي تقيك أبا الهيذام كل أذى ... إني بكل الذي ترضاه لي راضي

ما كان أبدى فقيهاً إذ ظفرت به ... فكيف ألبسته دنية القاضي

وهذا شاعر آخر من المائة الرابعة يسخر منها؛ فيذكرها مقرونة بغراب نوح؛ فيقول:

كأنّ دنِّيَّة عليها ... غراب نوح بلا جناح

وقال آخر:

ترى قلانسهم كالرمح طعنّها ... تخفي جراحاتها في جنب مغرور

وقال الصابئ:

وفوقه دنِّيَّة ... تذهب طوراً وتجي

وكانت بعض النساء يفزعن من رؤية القاضي بدنيته ولحيته الطويلتين. فقد ذكر متن نقلاً عن الذهبي أنه: (كان ببغداد في سنة ٣٦٨ للهجرة، قاض يعرف بأحمد بن سيار، وكانت له هيئة وجثة مهولة (كذا؛ والصواب: هائلة)، ولحية طويلة، فقدم إليه امرأتان ادعت إحداهما على الأخرى. فقال: ما تقولين في دعواها؟ قالت: أفزع؛ أيد الله القاضي. قال: ماذا؟ قالت: لحية طولها ذراع، ووجه طوله ذراع، ودنية طولها ذراع؛ فأخذتني هيبتها. فوضع القاضي

<<  <  ج:
ص:  >  >>