للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

حتى انحدرتُ إلى فيحاَء وارفةٍ ... فيها الندى وبها (طيٌّ) و (شيبان)

نزلتُ بفتيان جحاجِحةٍ ... آباؤهم في شباب الدهر غسانُ

بِيض الأسرة باقٍ فيهُم صَيَدٌ ... من (عبد شمسٍ) وإن لم تَبق تيجانُ

يا فتية الشام شكراً لا انقضاَء له ... لو أن إحسانكم يجزيه شكرانُ

ما فوق راحاتكم يوم السماح يدٌ ... ولا كأوطانكم في البِشر أوطان

فما هو الكرم الذي أضفاه الشاميون على شوقي، وكان أغنى الناس عن سخاء الأسخياء؟

هو الكرم الذي وصفه في قصيدة ثانية حين قال:

رُواة قصائدي، فأعجَب لشعرٍ ... بكل محلةٍ يرويه خَلقُ

والواضح مما قرأت وما سمعت أن شوقي لم يذق طعم النعيم

إلا في سورية ولبنان، فقد كان في أبناء تلك البلاد الجميلة من يُسمع شوقي آلاف الأبيات من شعره في اليوم الواحد، وكان فيهم من يُسمعه قصائد غابت عن وعيه الدقيق. وكان شوقي يتلقى تلك التحيات بالبكاء. ولبكائه هنالك صورة يتحدث عنها الشاعر أمين نخلة، إن صحت رواية الأستاذ صلاح الأمير

وحب شوقي للشام هو الذي جعل عواطفه أموية:

بنو أمية للأنباء ما فَتَحوا ... وللأحاديث ما سادوا وما دانوا

كانوا ملوكاً سريرُ الشرق تحتهمُ ... فهل سألتَ سرير الغرب ما كانوا

عالين كالشمس في أطراف دولتها ... في كل ناحية مُلكٌ وسلطانُ

يا ويحَ قلبيَ مهما انتاب أرسمهم ... سرَى به الهمُّ أو عادته أشجان

بالأمس قمت على (الزهراء) أندبهم ... واليوم دمعي على (الفيحاء) هتّان

في الأرض منهم سماواتٌ وألويةٌ ... ونِّيراتٌ وأنواءٌ وعِقبان

معادن العزّ قد مال الرَّغام بهم ... لو هان في تُربه الإبريزُ ما هانوا

لولا دمشقٌ لما كانت طُلَيْطلةٌ ... ولا زهت ببني العباس بغدانُ

مررتُ بالمسجد المحزون أسألهُ ... هل في المصلَّى أو المحراب (مروانُ)

تغيَّر المسجد المحزون واختلفت ... على المنابر أحرارٌ وعبدان

فلا الأذان أذانٌ في منارتهِ ... إذا تعالى ولا الآذان آذان

<<  <  ج:
ص:  >  >>