للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهل يحزن وزير المعارف لسوء نتائج الامتحانات العمومية بقدر ما يحزن لو رسب ابنه في الامتحان؟

إحساسنا الصادق يصدر عن متاعبنا الذاتية أولاً وقبل كل شئ، ثم يتفرع فيتصل بالمجتمع القريب أو البعيد، وهل بكى النبي محمد لوفاة أي طفل كما بكى لوفاة ابنه إبراهيم؟

وإذن يكون من حقي أن أقول إن الأدب الذي يصور الذاتيات هو اصدق الآداب، وهو الآية الباقية على الصدق الأصيل، فمن الجناية على الأدب أن نشغل أقلامنا بهموم خارجية قبل أن نستوفي التعبير عن همومنا الداخلية

للمجتمع حقوق على القلم البليغ، يوم يتأثر الكاتب بتلك الحقوق، ويوم يرى أنه عن تأييدها مسؤول أمام الضمير الأدبي لا أمام الناس

وأنت ذلك الكاتب، يا صديقي، فاتجاهاتك الاجتماعية تشهد بأنك تحس آلام المجتمع اصدق إحساس، وسيكون لك في هذا الميدان مكان يحفظه التاريخ

وأنا ارتضي لنفسي ما ارتضي لك، لولا تلك الدار التي أسرت قلبي عدداً من السني، ولم استطع التحرر من أسرها بأي جهاد

إن تاب الله علي من الهيام بتلك الدار فسأجاريك في ميدانك، وسيطول بيني وبينك السجال، ولكني أرى الله اكرم من أن يجود بذلك المتاب، لأن نعمته علي في هذه الضلالة اعظم من نعمته بالهداية على من يغضون أبصارهم عن سحر الجمال

وهل كان من العبث أن يتفضل الله فينوع الخلائق بهذا الوجود؟

إنه نوع الخلائق لينوع العواطف

هل تذكر ما تصنع النسائم بالسحاب والرمال؟

رأيت بالأمس عجباً من العجب: رأيت سحباً مطرزة بسماء (مصر الجديدة) على اظرف ما يكون التطريز. وبدأ لي أن أجوب الصحراء في ذلك الوقت فرأيت النسائم صنعت بالرمال ذلك الصنيع

أيعجز قلم الكاتب الصوال عما يقدر عليه النسيم الجوال؟

النسيم يبعث، وما وصف النسيم بغير العبث، ثم تكون له القدرة على هذا الافتنان، فكيف نعجز في الجد عما استطاعه النسيم في الهزل؟

<<  <  ج:
ص:  >  >>