للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من هذا كله، يحشيه بالقطن المخلوط بمواد مختلفة من شأنها إطالة بقاء الرأس، ثم يطليه من خارجه ببعض الأطلية الماسكة لأجزائه.

ودنك رأي طبيب بهذا الشأن، كان عائشاً في حدود سنة ٣٠٥هـ، وهو المعروف بابن حمدان الطبيب الذي حكى: (أدخلت على أبي الفضل، فوجدت بين يديه أطباقاً عليها رءوس جماعة؛ فسجدت له كعادتهم والناس حوله قيام وفيهم أبو طاهر، فقال لأبي طاهر: إن الملوك لم تزل تعد الرءوس في خزائنها فسلوه - وأشار إلي - كيف الحيلة في بقائها بغير تغيير، فسألني أبو طاهر فقلت: إلهنا أعلم ويعلم إن هذا الأمر ما علمته؛ ولكن أقول على التقدير إن جملة الإنسان إذا مات يحتاج إلى كذا وكذا صبر وكافور والرأس جزء من الإنسان فيؤخذ بحسابه فقال أبو الفضل ما أحسن ما قال)

وبهذه المواد والأطلية، كان طُلي جسم وصيف الخادم حيث بقي مدة طويلة دون أن يعتريه الفساد والبلى. قال المسعودي: (وفي أول يوم من المحرم وهو يوم الثلاثاء من سنة تسع وثمانين ومائتين توفي وصيف الخادم وأُخرج وصلب على الجسر بدناً بلا رأس. . . وطلي بدنه بالصبر وغيره من الأطلية القابضة الماسكة لأجزاء جسمه، فأقام مصلوباً على الجسر لا يبلى إلى سنة ثلاثمائة في خلافة المقتدر بالله أو نحو هذه السنة. . .)

الخاتمة

يبدو لنا من تتبع هذا الموضوع أن اتخاذ خزانة الرءوس في دار الخلافة ببغداد، كان في صدر الدولة العباسية، غير أننا لم نتحقق من السنة التي بدأوا فيها بحفظ الرءوس.

وما قلناه عن بدء أمر الخزانة؛ نقوله في تعيين زوال ظلها، فإن التاريخ يحيلنا إلى سقوط بغداد في سنة ٦٥٦ للهجرة؛ أفلا تكون خزانة الرءوس هذه ذهبت بذهاب بغداد ودار خلافتها؟

(بغداد)

ميخائيل عواد

<<  <  ج:
ص:  >  >>