للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

منذ أجيال وأجيال

كل ما في الوجود مواد أساسية لعقل الأديب، وروح الأديب. هو مسئول عن فهم جميع الحقائق بقدر ما يستطيع، وفي حدود ما يطيق

فهل ترون أستاذ الأدب يقل في المسئولية عن الأديب؟

آفة الأستاذية في هذا العصر أنها صارت وظيفة، وجّو الوظائف عجيبٌ غريب. ألم تسمعوا أن رجالاً تركوا كراسّيهم في الجامعة ليظفروا بوظائف ضخمة الرواتب؟

الغرض من هذا الكلام هو توجيه أساتذة الأدب إلى فهم واجباتهم الحقيقية، وأنا أحذِّرهم عواقب ما اطمأنوا إليه من الرضا بزخرف الحياة الجامعية، فزمام التوجيه الأدبي كاد يضيع من أيديهم، إن لم يكن ضاع

كان في مصر قتال بين الأفندية والمشايخ، وكان المفهوم أن الأفندية رجال الدنيا وأن المشايخ رجال الدين

ثم دار الزمن دورته فأصبح كتاب المباحث الإسلامية رجالاً مطربشين، أشهرهم فريد وجدي ومحمد هيكل وعباس العقاد

وإن طال سبات رجال الأدب من أهل (الثالوث الجامعي) فستكون لهم مصاير لا يعلمها غير علام الغيوب

أذهان الطلاب في الجامعات الثلاث محتلة بأفكار وآراء لم تصدر عن تلك الجامعات، فمن يمنّ على هؤلاء الطلاب بنعمة الاستقلال؟

من يدري؟

لعل الخيرة فيما اختاره الله! ولعل الله أراد أن تكون وظيفة الأدب وظيفة روحية لا رسمية! ولعل الله أراد لطلبة الجامعات خيراً مما نريد، فأباحهم ما في الحدائق الخصوصية والعمومية من أزهار وثمرات

من يدري؟ من يدري؟

الهواء الطلق هو الأصل، وهل تنفَّس سقراط وأفلاطون في كلية لها جدران وأبواب؟

الحرية الروحية والعقلية هي أساس العبقرية، ولا حياة لأدب لا يتمتع بحرية العقل والروح

لم تقبل جامعة باريس أن يكون جوستاف لوبون أستاذاً للفلسفة بالسوربون، لأنه دكتور في

<<  <  ج:
ص:  >  >>