للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الطب لا في الآداب، فهل أنصفت جامعة باريس؟

وهل كان أستاذنا فلان الذي أضحكني مضغه للألفاظ اليونانية الميتة أعرف بدقائق الفلسفة من جوستاف لوبون؟

كان أستاذنا ذاك مقبول الرأي في أكثر ما يقول، إلا حين يمضغ الألفاظ اليونانية، وعند الدكتور مصطفى زيور نوادر لذلك الأستاذ الجليل!

كنا ندخل عليه فيهولنا أن نراه يترجم ويبرجم بأسلوب فظيع، وهو يعرف أن اليونانية القديمة لن تبعث أبداً، وهل بعثها اليونان حتى يبعثها الفرنسيس؟

آلآن فهمت كيف احتلت برلين باريس؟

كان الأساتذة الذين يراجعون رسالتي المقدمة إلى السوربون يكرهون أن يقع فيها بيت من الشعر، لأن موضوعها هو النثر الفني

وشكوت هذا التحكم إلى المسيو ديبويه فقال: إن جامعة باريس محتلة بالفكر الألماني منذ انتصار الألمان في حرب السبعين، والألمان غاية في التدقيق والاستقصاء

ثم ماذا؟

ثم عرفت بعد لأي أن الألمان خدعوا الفرنسيس بزخرف الوسوسة البحثية، ليصرفوهم عن التفكير في إعداد وسائل الموت لمن يعادون

كانت فرنسا بعد انتصارها في الحرب الماضية تتوهم أن غاية المجد أن يكون لها معهد مثل السوربون، وكانت تصرّح بأن الشهادات التي تعطيها الجامعات الألمانية شهادات تجارية، وأنها بذلك تتودد إلى الأغنياء من الطلبة الغرباء

وكان الأمر كذلك بالفعل، وكانت النتيجة أن لا تقيم الحكومة المصرية وزناً للشهادات الألمانية، لأنها شهادات مبذولة بلا تعب ولا عناء، كالشهادات التي تعطيها أمة الطليان

ثم ظهر أن لألمانيا سريرة غير سريرة السوربون، وهي النية المستورة لأكابر الفلاسفة من الألمان

وهنا أشهد أني قرأت بالفرنسية نحو خمسين كتاباً تصور انحلال الألمان من الناحية المعنوية بسبب طغيان الشهوة الجنسية

فهل التفت الألمان إلى هذا الاتهام الخسيس؟

<<  <  ج:
ص:  >  >>