للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

قاذفات، أي أنها - بلغة النسب - تحتاج لضآلة في الجسم إزاء قوة المحرك؛ ولكنها ضآلة تقف عند حده، إذ ما قيمة تلك الطائرة دون مدافع عديدة وكمية من الذخيرة كبير: مدافع قد تبلغ الثمانية عداً، وذخيرة قد يتعدى معدل إطلاقها الخمسة آلاف رصاصة في الدقيقة الواحدة. هذه الضآلة إذن يجب أن تتسع لتلك المدافع وهذا الرصاص، ولمقدار ضخم من الوقود فرضه علينا محرك قوي، مقدرته على الالتهام عظيمة

هذه أخيراً طائراتنا، توصلنا إلى اصطناعها سريعة ما وسعنا الاصطناع، وأوجزنا من طول أجنحتها ما أوجزنا، وضمَّرنا من خصرها حتى ضمرت ما وسعها الضمور. ولكن تلك السرعة اللعينة تعلق بها علوقاً حتى عند الهبوط، فترى الطائرة تنهب الأرض نهباً، ولا تستطيع الوقوف إلا إذا انفسح لها المجال في المطارات. والمطارات الفسيحة لا تتسع لها كل أرض، ولا تتسع لتكاليفها حتى الميزانيات، فنضطر إلى إلحاق بعض القلابات بسطوح الأجنحة السفلى لتحد من سرعة الطائرة عند الهبوط. وهذه القلابات تعني زيادة في الحجم، وزيادة في الوزن

وأحياناً لا نشعر بالقاذفات إلا وهي قريبة منا على أهبة الهجوم، فنطلق المقاتلات من معاقلها. ولكن هذه الطائرات القصيرة الأجنحة، السريعة كل السرعة في الاتجاه الأفقي، تعجز عن الارتفاع إليها في مدى الزمن المطلوب، فنعود إلى المهندسين يطيلون أجنحتها، ويزيدون من مساحتها، ليعينوها على التسلق العاجل، مضطرين إلى التنازل عن قليل من سرعة الانطلاق، مقابل بعض الربح في سرعة التصاعد

وإذا انتقلنا إلى القاذفات، وهي أداة التحطيم الاستراتيكي وجدناها في حاجة إلى كثير من الوقود، وكثير من القنابل، وبعض الرشاشات تذود عنها فتك المقاتلات، كما هي طائرات كبيرة الحجم ضخمة الجسم، وهذا يحد من سرعتها كثيراً، ورشاشاتها تلك لا تحميها كل الحماية، فتعمد إلى تغليف مواطنها الحساسة بالصفائح السميكة، وهذا أيضاً عبء كبير يزيد تباطؤها أن لم نعوضه بالتقتير عليها في إحدى وديعتها الأساسيتين: أو القنابل. فإن شح وقودها عجزت القاذفة عن إدراك بعيد الأهداف ولزمت دائرة القريب منها، وإن ضُنَّ عليها بالقنابل قنعت بإغارة ضعيفة عجفاء على الأهداف القاصية. وقد تتدرج الحالات من هذه إلى تلك. على أن يظل مجموع ما حمِّلت به الطائرة من أثقال داخل النطاق المسموح.

<<  <  ج:
ص:  >  >>