للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

المدرسة

وقد تجلت تلك النزعة في أمريكا في عدة محاولات ترى إلى زيادة حرية الأطفال ومسئوليتهم في مباشرة نواحي نشاطهم في الفصل وفي خارج الفصل. ولقد ظهر أثر هذه النزعة أول ما ظهر في الكليات والجامعات فيما يُعبر عنه باسم نظام الشرف ثم ظهر بعد ذلك في الحكم الذاتي في المدارس العالية وأخيراً ظهر في المدارس الأولية

على أنه يحسن بنا هنا وقد أشرنا إلى نظام الشرف في معرض كلامنا الوجيز عن تاريخ الحكم الذاتي أن نتحدث بإيجاز شديد عن الفرق بين هذين النظامين كما هما في أمريكا. فنقول إن وجود نظام الشرف في المدارس العالية يرجع إلى أنه لما كان طلبة هذه المدارس يتمتعون من قديم بقسط وافر من الحرية في مباشرة وجوه نشاطهم المختلفة في داخل هذه المدارس وفي خارجها، فإن المدرسين والمباشرين لأمور هذه المدارس قد وصلوا هذه الحرية التي يتمتع بها الطلبة بنظام الامتحان وجعلوها تنفيذ إليه لتدبر أمره. وكان الدافع لهم على ذلك أنهم لمسوا صعوبة التوفيق بين كبح نزعة الغش في الامتحان والعمل - في نفس الوقت - على خلق اتجاهات صحيحة وعادات صحيحة في نفوس الطلبة

هذا عن نظام الشرف. أما الحكم الذاتي في المدارس غير العالية فقد دفع إلى اصطناعه غرضان هما بدون شك أوسع مجالاً من الغرض الذي دفع إلى اصطناع نظام الشرف: فالغرض الأول هو إيجاد وسيلة لتعليم علم الحكم المدني تكون أكثر موضوعية وإيجابية، والغرض الثاني هو العمل على أن تنمي حكومة المدرسة الروح الاجتماعية عند كل طالب؟

فهذا هو الفرق بين النظامين.

على أن هناك نظاماً آخر يحسن أن نتحدث قليلاً عما بينه وبين نظام الحكم الذاتي من فروق، ونعني بهذا النظام نظام العُرفاء فبين هذا النظام وناظم الحكم الذاتي ثلاثة فروق رئيسية: فالفرق الأول يتلخص في أنه في نظام العرفاء يخَّول السلطة عددٌ قليل من التلاميذ كبار السن بينما أن السلطة في نظام الحكم الذاتي يخوَلها التلاميذ جماعة، والفرق الثاني يتلخص في أن أعمال العرفاء تنفيذية أكثر منها تشريعية؛ فمنظم القوانين التي ينفذونها ليست من تشريعهم. والفرق الثالث يتلخص في أن هؤلاء العرفاء يختارون من قبل ناظر

<<  <  ج:
ص:  >  >>