للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وأزرح.

ورجع المسلمون وقد صالحوا من صالحوا وأرهبوا القبائل الضاربة في الشمال، وأعلموا الروم أنهم غير عاجزين عن الجمع والسير للقتال. وكانت غزوة ذات أثر في تمكين هيبة المسلمين في القبائل الشمالية، ومحو ما أصاب المجاهدين في مؤتة، والتمهيد لإقامة سلطان الإسلام في تلك الأرجاء

- ٤ -

ثم أعد الرسول جيشاً للمسير إلى البلقاء حيث ترتجع المسلمون في غزوة مؤتة وجعل عليه أسامة بن زيد أول قائد للمسلمين في تلك الغزوة وتوفي الرسول واشتعلت الفتنة في الجزيرة وسأل الناس أبا بكر أن يبقى الجيش ليلقى المدينة غارات القبائل المرتدة ولكن خليفة رسول أصر الإصرار كله على أن ينفذ الجيش الذي أمده رسول الله. فسار الجيش إلى حيث أمر الرسول فغنم وسلم. وذلكم في السنة الحادية عشرة. وهو تدبير عظيم لم يلقه الروم ومن والاهم من العرب بكفاية من الاهتمام والتفكير

- ٥ -

وبعد سنة وأشهر من رجوع جيش أسامة - وذلكم أوائل السنة الثالثة عشرة عزم المسلمون على فتح الشام وسير أبو بكر جيوشاً أربعة لهذا الفتح. وتتابعت الوقائع إلى الموقعة الحاطمة موقعة اليرموك التي جعلت هرقل يودع الشام وداعاً لا لقاء بعده. وقد أدار هذه الموقعة الفاصلة خالد بن الوليد، القائد الذي شهد مؤتة وأنحاز بجيشه فخلصه من براثن الموت. ولولا ضيق المجال لفصلت القول وسردت الحوادث مبيناً عن الصلات الجامعة، والقرابة الواشجة، بين هذه الأحداث. تلكم صور متفرقة في كتب التاريخ، شتيتة في رأى مطالعيه؛ ولكنها في الحق أوجه حقيقة واحدة، أو أمواج من بحر واحد، أو فصول متتابعة من كتاب: أوجه من هذا اليقين الذي ملأ قلوب العرب المسلمين، وأمواج من هذا الجهاد الذي اعتزمه العرب المسلمون، وفصول من هذا المجد الذمي سطره العرب المسلمون قصة أولها خالد ينحاش بجيشه ليقيه غائلة الروم، وآخرها خالد يقدم بجيشه ليمحو سلطان الروم، ويمد سلطان المسلمين على الشام وما وراء الشام؛ وفي ثناياها حقائق من الأخلاق والسنن

<<  <  ج:
ص:  >  >>