للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

قلنا: إن الخطأ الذي نوه الأب بذكره في مقاله - هو خطأ النحاة واللغويين في (حصر الألفاظ لبعض الأوزان)، وهو المحور الذي يدور عليه مقاله الطويل، المقسم إلى أربعة أقسام:

القسم الأول - فِعْلى

أورد الأب هنا قول النحاة واللغويين: ليس لنا من الجموع على وزن (فِعْلى)، ألا حجلى (جمع حَجَل لطائر) وظِربي (جمع ظَرِبان لدابة خبيثة الريح)، ولا ثالث لهما، ثم أخذ يندد بعلماء النحو واللغة، من عهد أبي الطيب المتنبي، وأبي علي الفارسي إلى عهد اللغوي الكبير الشنقيطي. فإنه لم يعثر أحد منهم على ثالث لهذا الوزن، إلا الدماميني، فقد وجد ثالثاً بعد طول عناء، وهو لفظ مِعْزَى جمع معزاة، حتى جاء الشنقيطي والأب أنستاس، فعثرا في المخصص وغيره على ستة جموع (أسماء جموع) بوزن فِعْلى، (وكلها من غريب اللغة). وهي: العِرْقي (أصول الشجر الممتدة في الأرض إلى أسفل) والعِمْقي (شجر أمر من الحنظل بالحجاز وتهامة)، والعِفْري (ريش عنق الديك)، والصِّحْنَي (نوع من السمك، وهو معرّب، ومعناه الصِّير) والذِّفْرَي (أسم جمع للعظم الناتئ خلف الأذن، واحدته ذفراة)، والشِّيزَي (خشب تصنع منه الجِفان). بهذه الكلمات ظهر خطأ النحاة وعلماء اللغة في قولهم: ولا ثالث لها.

قلت: لم يصب الأب شاكلة الصواب في هذه التخطئة؛ فإن نظرة غير فاحصة في قواعد النحو والتصريف ترشدنا إلى صواب ما قاله الأقدمون، وخطأ ما جاء به المتأخرون، وإلى القارئ البيان:

أثبت النحاة اللغويون وغيرهم، كلمتي (حجْلى وظِرِبَى) في معرض الكلام على موانع الصرف، وحكموا لهما بحكم (ذكرى) التي تمنع من الصرف لألف التأنيث المقصورة فلا يدلهما التنوين أبداً، وليس لهما ثالث في اللغة يحكم له بهذا الحكم. وأما (مِعزى) وما ذكر معها، ففيها عن العرب وجهان: الصرف وعدمه. فالمصروف منها ألفه للإلحاق بدرهم، وغير المنون منها ألفهُ للتأنيث.

ومما تجب معرفته صرفيَّا أن وزني (فَعْلى وفعلى) إذا ورد لهما مفرد بالتاء كأرطاة

<<  <  ج:
ص:  >  >>