للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

هل أريد أن أقول إن (المسجل) غاب عن اجتماعات المفتشين، وأنهم لو كانوا يعرفون أن كلماتهم ستسجل كما وقعت لاقتصدوا في الخطابة بعض الاقتصاد؟

أن الآداب الدينية توصى بان نحترس، وتوجب أن نفهم أن الإنسان ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد. فالخوف من تدوين الألفاظ باب إلى أدب اللسان

وليس معنى هذا أن المفتشين قالوا كلاماً لا ينبغي أن يقال - لا - ولكن معناه أنهم لو عرفوا أن كلامهم سيسجل لأعدوا كلاماً أقوى من الكلام الذي قيل، مع أنه من الكلام النفيس

كل شئ صائر إلى التحديد، فالإنسان كان يعبر بالإشارة، ثم ارتقى فصار يعبر باللفظ، ثم ارتقى فصار يعبر بالكتابة، وسيرتقى مرةً جديدة فتكون له لغة واحدة، لغة محدودة لا يتطرق إليها لبس، ولا يعتريها غموض

من متاعب الإنسانية أن اللفظ الواحد في اللغة الواحدة قد يختلف مدلوله باختلاف الأذواق، بحيث يكون مدحاً عند هذا وقدحاً عند ذاك

وأعصابنا تتأثر بالألفاظ، أو باختلاف ما نفهم من مدلولات الألفاظ، فمتى تزول أسباب هذا الاختلاف؟

الرأي عندي أن هذه البلبلة الخطرة من أعظم مزايا الإنسانية، ولكن كيف؟

القوة الحقيقية للإنسان هي قدرته الأصيلة على الظفر بأكبر محصول من اشتجار العواطف والأحاسيس والآراء والأهواء ولو توحدت اللغات والتعابير فزالت جميع أسباب الاختلاف لتحول الإنسان إلى صورة آلية لا يسيرها غير ضريم (البنزين)

نحن نختلف أقل مما يجب، ويا ويلنا إذا لم نختلف!

المثال الصحيح للاتفاق هو أمة النمل، ونحن نكره التشبه بأمة النمل

الاختلاف هو الذي خلق العلوم والمدنيات، وهو الذي أوجب أن يكون لكل ثمرة مذاق

الاختلاف واجب، أما التعادي فهو بلاء

الإنشاء

قالت مراقبة التعليم الثانوي: أن إنشاء التلاميذ لا تزال تكثر فيه الأنماط النحوية والصرفية والإملائية، ثم دعت المفتشين إلى أن يشيروا بما يرون لعلاج هذه الحال، فماذا قالوا؟

قال الأستاذ جاد المولى بك: إن أهم المظاهر لمعرفة اللغات هو إجادة الخطابة والكتابة،

<<  <  ج:
ص:  >  >>