للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

والأرواح الظامئة من أن تتطلع. . . أما ثانيهما فهو كتابتك في (الرسالة) عن صاحبي، أي عني. . . و (الرسالة) هي التي نشرت تلك الكليمات التي نفثها صاحب (شهرزاد) فيما شجر بينه وبين صاحب (فاتنة) أي صاحبي. . . والرسالة أيضاً لها (وعكتها) التي فترت العلاقة بين صاحبها وبين أعز أصحابه عليه، وأحبهم إلى نفسه، لأنه زميل الصبا، وخدن الشباب، وصاحب الحق الأول في فؤاده، والشريك الذي بنى معه مسرح هذا الأدب في مصر. . . لا لا يا صديقي، دع ما يريبك من أمر الصداقات إلى ما لا يريبك من أمر الأدب، فللصداقات عتاب يحلو أو يمر، وللأدب نقد يسلس أو يقسو، وينعم أو يعنف؛ والصداقة شئ، والأدب شئ آخر. ولن يقبل النقد صداقة من الصداقات فيجعلها عداوة إلا في الأمم الصغيرة الفقيرة من القلوب الكبيرة، فإذا عرفت لما أرجف المرجفون عن (شهرزاد) وعن (أحلام شهرزاد) وما تخرصوا به من أخذ هذه عن تلك، فإنما تعرض لموضوع أدبي لم يشد منه المتخرصون إلا ألفاظاً أو عبارات لا كيل لها ولا وزن. وهم قد أوردوها، حينما أوردوها، ليوهموا أنهم بلغوا بها لباب النقد الصراح، وقطعوا بسقطها جهيزة كل خطيب. . . أما صاحب الرسالة، والكليمات التي نشرها لصاحب شهرزاد، فصحيفته كانت وما تزال صحيفة الأدب والنقد الخالص البريء. . . وآية ذلك أنني تعمدت أن أختارها لك لتكتب عني فيها، لتقطع ألسن المرجفين والخراصين، ولتفتح أعينهم التي غشيت إن لم تكن قد عميت، على صورتي الرائعة التي هي ابتكار جديد لم يسبق أحد صاحبي إليه، ولا استطاع أحد أن ينبت في جنة شهرزاد زهرة أينع منها، ولا أعبق من شذاها شذى. . . هذه كلمات سيضيق بها النافسون على صاحبي أشد الضيق، ولكن قلها ولا عليك مما ينفسون من شئ، فلن يضر زحار الغل إلا أهله، ولن يأكل إلا قلوب أصحابه. . . ثم لا تنس أن صاحب الرسالة هو الرجل الذي أثار موضوع النقد منذ أعوام فجلاه أحسن تجليه، واستبقت الأقلام وراء قلمه تؤيد ما يقول، وتفصل ما يجمل، وأنك أنت يا صاحبي كنت أحد الكاتبين فيه، المؤيدين لوجهة نظر صاحب الرسالة. . . ثم أذكر أنه صرح لك بجمالي، واعترف بروعتي، وحسبك أن يصرح الزيات بجمال فاتنة، وروعة فاتنة، لتكتب أنت عن فاتنة. . . أما أختي. . . أما شهرزاد التي ملأت أحلامها، فأنت الكفيل بأن تنافح عنها، وتكافح في سبيلها، وأنا ضامنة لك أنك منصفها من هراء ما أرجفوا

<<  <  ج:
ص:  >  >>