للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[روسيا والحرب الخاطفة]

لليوزباشى حسين ذو الفقار صبري

يتساءل الكثيرون عن السر في تحول أداة الحرب الألمانية عن نجاحها الخاطف أثناء فترة الحرب الأولى إلى هجومها الجاهد المكدود عبر الفيافي الروسية خلال الصيف الماضي

فقد رأينا بولندا وفرنسا تنهاران في لمح البصر تحت ضربات خاطفة، بهرتهم ثم صعقتهم، ورأينا جيوش يوغسلافيا واليونان تتمزق إرباً، ثم رأينا نفس الأمر يتكرر في روسيا، خلال الأسابيع الأولى من القتال؛ ثم. . . ماذا؟ كنا قد كونا رأياً عن نتيجة خلناها محتومة، فلما تلفتنا شاهدنا عكس ما تعجلنا استنتاجه فماذا كانت الأسباب؟

إن الحرب الخاطفة هي الحرب الاستراتيكية المثلى، هي الحرب التي ترمي إلى تفكيك أوصال العدو دون قتال، تفصل القوات عن قواعدها، تحيط بها دون أن تشتبك معها، تهدد العدو في مؤخرته عندما تكون أسلحته في المقدمة، تراوغه عندما يتقدم فتورطه هنا وهناك وفي كل مكان، فلما تتباعد قواته وتتفرق، وتتفتت إلى فئات منفصلة، فاقدة كل اتصال، غير محتفظة بأدنى تماسك، مقبلة على الانحلال، تعطى الكلمة عندئذ للطائرات بينما تضغط عليها بعض القوات، فما أسرع أن تبادر الجيوش المنحلة إلى التسليم، أو تصمد فتباد.

وما أسهلها عملية لجيش ميكانيكي حديث، لا يركز مجهوده إلا أمام أضعف المراكز، ما يكاد يخترقها حتى ينفذ إلى المؤخرة مسارعاً إليها على شكل مروحة ضخمة، شعابها مهما تفرعت فهي ما تزال يدفعها تصميم مشترك، إنجازاتها متنوعة وأوامرها هي هي، لا تفقد اتصالها اللاسلكي ببعضها، تستمر في ضغطها حتى يتفتت أمامها مجهود العدو استعداده لمثل هذه الأحوال التي ما كانت تخطر على البال

تعتمد الحرب الخاطفة على مقدرة الدبابات على اختراق الاستحكامات بأقصى سرعة، ثم النفاذ منها إلى ما وراءها، ثم استمرار القوات الراكبة في التقدم السريع حتى تنحل أوصال الجيش، ولكن هذا الانحلال لا يطرأ إلا بعد وقت يتحتم على القوات المتقدمة أن تظل أثناءه مستمرة في حركاتها الهجومية، وهذه الحركة المستمرة لها حدود، يحدها أولاً قوة احتمال الجنود، وثانياً كمية الوقود، ثم ضرورة تعهد الآلات بين الحين والحين، ولذا لم

<<  <  ج:
ص:  >  >>