للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ارتفع بها إلى أعلى عليين وهو في هذا كان مخلصاً لرأيه في المرأة حسن العقيدة في عفافها وسموها، وأنها مصدر السعادة في هذه الدنيا. . . فهو في الصحيفة السادسة والستين من القصر المسحور لا يتمنى ملكاً وسلطاناً كما كان المتنبي يتمنى ملكا وسلطانا، ولا يشتهي كما كان يشتهي ثروة وغنى، إنما يتمنى لقاء شهرزاد والاستمتاع بجوارها القريب (وأي ملك يشبه الخضوع لها ويعدل الإذعان لأمرها؟ وأي ثروة تشبه الشعور بأنه قريب منها ليس بينه وبين الغني الذي يمتع القلب والعقل إلا أن يتجه إليها فيسمع منها ويحسن قربها منه) وفي الصحيفة الثامنة والستين يقول هذه القولة المشجية: ثم أشار الفجر بإصبعه الوردية التي أريتها أنت يا سيدتي لضرير اليونان منذ ثلاثين قرناً، فإذا الليل الجاثم ينهزم، وإذا الشمس تقبل فتبسط الضوء والحياة على كل شيء وفي كل نفس - ولكني أظل محروماً ضوء الشمس وحياتها لأنك أنت الشمس والحياة. وفي الصحيفة الثانية والأربعين بعد المائة يقول: ماذا؟ تشكين في قوتك وتنكرين سلطانك وذكاءك، وأنت التي تمنح أمثالنا القوة والسلطان والذكاء؟ وفي الصحيفة الثالثة بعد المائتين يقول على لسانها أيضاً: لا أقف هذا الموقف لأدافع عن نفسي، فلست أعرف لأحد الحق في أن يتهمني بإثم مهما يكن، وأنا الحرية كلها، الحرية التي تشيع النشاط في العقول، وتذيع الحياة في القلوب وتبعث الحرارة في العواطف والمشاعر والأهواء. . .

هذا هو رأي طه في المرأة، وهو رأيه فيها من قديم، وهو رأيه الذي أذاع به في القصر المسحور كما أذاع به في أحلام شهرزاد، وهو ضد ما أذاع به توفيق الحكيم في معظم كتبه، بل في كل كتبه، بل في كل ما كتب. . .

قالت فاتنة: اذكر للناس يا صاحبي إذن أن مشروع أحلام شهرزاد مشروع قديم، وأنه كان وعداً موعوداً في القصر المسحور، وأنه قصد به إلى الدفاع عن المرأة والترفع بها عما وصمها به توفيق. . . فإذا أرجف المرجفون بأن زيداً سرق من عمرو فماذا يملك المرجفون ما داموا لا أحلام لهم، وما داموا يخلطون بين الفردوس وبين الجحيم، وبين الملاك وبين الشيطان الرجيم.

دريني خشبة

<<  <  ج:
ص:  >  >>