للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

التراجم والتأليف، وعلى مسايرة حيوات العلوم والآداب والفنون

المعلم في مدرسة أولية يقيم بيته وهو في صباه، أما الأستاذ بالجامعة فلا يقيم بيته إلا بعد أن يكتهل، فعلينا أن نعترف بأن من واجب الدولة أن تراعي حقه في الجهود التي بذلها من شبابه ومن أمواله ليصلح للحياة الجامعية

وخلاصة القول أني أرى روحانية المدرسة تتبع روحانية المدرس، وأرى أن نلتفت إلى المدارس الابتدائية بأكثر مما نصنع، كأن نختصها بأكابر المدرسين، وكأن نغير النظرة المألوفة إلى طبقات المدرسين، بحيث لا يكون طول الثواء بالمدرسة الابتدائية مانعاً من أن يظفر المدرس بمثل نصيب زميله في المدرسة الثانوية من الدرجات والترقيات

ويوم يكون من حق المدرس أن يفتخر بأن وزارة المعارف رأت أن يقضي حياته كلها في التعليم الابتدائي لمزايا تعليمية يكون من حقنا أن نطمئن إلى سيادة الروحية في الحياة المدرسية

أقول هذا وأنا أعرف أني أطلب غرضاً لا يتحقق إلا بعد رياضات نفسية تحتاج إلى آماد؛ فالمدرسون في جميع بقاع الأرض يريدون الفرار من المدارس الأولية والابتدائية، ولا يرضى الرجل منهم عن حاله إلا إذا صار إلى التعليم الثانوي ثم العالي. وهذه نزعة تأخذ وقودها من هوى النفس، وليس لها في نظر التعليم سناد.

أترك هذا وأنتقل إلى مسألة ثانية، هي صلة التلميذ بالمدرسة، الصلة التي توجب أن يحبها أصدق الحب، على نحو ما كان التلاميذ في بعض العهود الماضية

والواقع أن تلميذ اليوم تجتذبه قُوىً خارجية لم يعرفها التلاميذ من قبل. . . وهل ننسى أن المساجد كانت قبل عشرين سنة ملتقى التلاميذ في أوقات المراجعات؟ فأين نحن من ذلك الحال الجميل؟

لا بد من جهاد لجذب التلميذ إلى المدرسة، بحيث يحبها حب العقل، وهو أصدق الحب

يجب أن نصل إلى إقناع التلميذ بأن روح المدرسة هو الروح الصديق، وأن أوقاته في رحابها هي أوقات الصفاء

في كلام القدماء: فلان علمه أكبر من عقله، وفلان عقله أكبر من علمه، فما معنى ذلك؟

معناه أن ملكة الفهم تختلف عن ملكة التحصيل بعض الاختلاف.

<<  <  ج:
ص:  >  >>