للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الخ. ولكن أعلموا أن الفكر الإسلامي قد أخذ يستعيد صفاءه ويسترد إخلاصه للحجة والبرهان كما كان السلف الصالح من المؤمنين. وأصبحت هذه الأساليب مكشوفة معروفة، بل أصبحت وبالاً على أصحابها لأنها تنفر منهم وتدل على ضعفهم والتواء عقولهم!

لقد كان جديراً بنا ألا نشغل أنفسنا بأمثال هؤلاء، وأن نمر بما ذكروا كراماً، ولكنهم عمدوا إلى أسلوب آخر من أساليب الخداع والتمويه إذ اتصلوا بقوم عزيز علينا أن نتركهم صيداً في شبكتهم. خدعوهم باسم الدين، ووسوسوا لهم بأن هذه الفتوى تمس العقيدة الثابتة بالقرآن والسنة المتواترة والإجماع القطعي، فهي اعتداء على الدين وهدم لركن من أركانه. وسوسوا بهذا ونحوه، وكان من آثار هذه الوسوسة أن نائباً محترماً له في نفوسنا مكانة ومحبة انخدع بما يقولون وطاوعهم في استكتابه كتاباً في هذا الشأن رفعه إلى حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الأكبر، وبعث بنسخة منه إلى حضرة صاحب المقام الرفيع رئيس مجلس الوزراء

وفي هذا الكتاب يقول:

(إني أكتب لفضيلتكم في مسألتين هامتين لكل واحدة منهما خطرها وعظم شأنها لمساسها من قريب أو بعيد بأصل العقيدة الدينية)، ثم يرجو فضيلة الأستاذ الأكبر أن ينشر الرأي الصواب الذي يقرره فضيلته عن هاتين المسألتين في مجلتي الرسالة والإسلام فضلاً عن نشره بمجلة الأزهر. ونحن لا نرى بأساً في الرجوع إلى شيخ علماء الدين أو إلى هيئة علمية دينية في تعرف رأيه أو رأيها في مسألة دينية، ولكننا لا نفهم ما المراد بتوجيه هذا الكتاب إلى حضرة صاحب المقام الرفيع رئيس مجلس الوزراء في مسألة دينية كهذه: أيراد أن تكون هناك هيئة حاكمة يرجع إليها في حماية نوع خاص من التفكير العلمي والديني؟ إن كان هذا هو المراد فما أشبهه بمحاولة العمل على إعادة صورة من صور محاكم التفتيش الأسبانية البائدة في مصر وعلى يد رئيس حكومتها وشيخ علمائها وفي أحضان الإسلام دين الحجة والبرهان لا دين القوة والسلطان

ألا إننا لا نكتب ما نكتب إلا صوناً لمثل هذا النائب المحترم ولجمهرة من المسلمين قد تروج عليهم حيل هؤلاء الخادعين المتطفلين على موائد العلم، وسنعرض في الفصول المقبلة إن شاء الله إلى شبههم التي موهوا بها وبنوا عليها قصور الخداع والإضلال.

<<  <  ج:
ص:  >  >>