للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كذلك لو كانوا من طبقة واحدة لأمكن أن يقال إن الشيوعية تلائم طبقة ولا تلائم طبقة أخرى، ولكنهم متفرقون في النشأة، منهم العامل الذي يبشر بالمدينة، والفلاح الذي يبشر بالقرية والمعيشة الريفية، وكلهم كرهوا الحياة في المصانع وفي الحقول. وأصدق ما يقال في هذا أن الشيوعية جو خانق لكل قريحة ملهمة، ولو كان صاحبها من دعاتها الغلاة

ونعود فنقول: (فتش عن الحسد والكسل) لأنهما على التحقيق علة كامنة وراء كثير من الظواهر الغريبة التي تلاحظ على بعض الناشئين في الجيل الحاضر، وبهذه العلة نستطيع أن نهتدي إلى تفسير نزعات كثيرة غير الجنوح إلى الشيوعية وما شاكلها من المذاهب الاجتماعية، ومنها تلك النزعة - أو تلك الضجة - التي ترتفع ثم تخفت آونة بعد أخرى باسم أدب الشيوخ وأدب الشباب

فهي ضجة غير مفهومة إلا أن تكون حسداً معيباً مقروناً بكسل ضعيف

وكل ضجة تساق في تسويغها لا تؤيدها بل تنقضها وتكشف عن الباعث الخفي من ورائها وهو باعث الحسد المعيب والكسل الضعيف

سئلت أخيراً رأيي في بعض الأدباء الكبار من المصريين فقلت عن الدكتور طه حسين إن قدرته في تأريخ العصور الأدبية (تأتي بعد قدرته في القصة أو الكتابة القصصية، فهو يحسن إقامة الحدود بين العصور ويحسن تمييز كل عنصر بمزية عامة، ولكنه أقرب إلى حدود العالم منه إلى حدود الفنان، ويأتي طه حسين الناقد بعد طه حسين المؤرخ وبعد طه حسين صاحب القصة؛ لأن المدار في النقد كله على مقاييس الشعر والبلاغة الشعرية، وليس نصيب الدكتور طه حسين في هذه المقاييس بأوفى نصيب)

كتبت هذا الرأي فعقب عليه بعض الحانقين على شيوخ الأدب يقول: (ونحن إذ ننشر هذا الرأي نوجه إلى الأستاذ العقاد السؤال الآتي: كيف تحتفظ بأمارة الشعر التي خلعها عليك طه حسين ونصيبه من مقاييس الشعر والبلاغة الشعرية ليس بأوفى نصيب؟ رجعة إلى الحق يا عميد الأدب ويا أمير الشعر ويا. . . أدباء الدعاية. . .)

هذا هو التعقيب العجيب

فهل ركب على كتفي إنسان رأس يفهم مما كتبناه عن الدكتور طه حسين أننا أدباء دعاية لو كانت المسألة مسألة رؤوس تفهم وبراهين تساق؟

<<  <  ج:
ص:  >  >>