للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[من أدب التراجم]

الخليل بن أحمد

للأستاذ طه الراوي

إذا افتخرت الأمم بالأفذاذ من رجالها الذين رفعوا مشعل العلم عالياً فأناروا للعقول مناهجها، وضاعفوا لذاتها ومباهجها؛ حق للعرب أن يكونوا المجلين في هذه الحلبة؛ ولهم من تأريخ المعارف الإنسانية شواهد خوالد تسطع أنوارها وتتجدد على الزمن آثارها. فتأريخ النتاج العقلي يفيض بما للعقل العربي من خصب في الإنتاج، وبراعة في الاختراع، ودقة في الإبداع، وسعة في التحقيق، وإنعام في التدقيق مع صدق في القول وأمانة متناهية في النقل

ومن بين أولئك الأفذاذ الذين أقاموا للعلم مناره ورفعوا لواءه في سماء الرافدين الخليل بن أحمد البصري. وقد رأيت أن أترجم له بمقال مسهب أرسل به إلى مجلة الرسالة الغراء؛ وبعد أن تم المقال رأيت من الأصلح اختصاره رغبة في دفع الملل عن القارئ لأني أعلم أن الكثير من قراء المجلات في هذه الأيام العصيبة يرغبون عن المطولات ويملون المسهبات

نسب الخليل

من أشهر قبائل اليمن قبيلة الأزد التي منها غسان، والأوس والخزرج اللتان عرفتا بعد الإسلام بالأنصار؛ ومن بطون هذه القبيلة الفراهيد، وكان الكثير من أفخاذها يقطن عمان والبصرة. وقد أنجبت عدداً كبيراً من المشاهير كان في الطليعة منهم المترجم وهو: أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد بن عمر بن تميم البصري الفراهيدي اليحمدي، وبعضهم يقول الفراهيدي، قال الأصمعي: سألت الخليل بن أحمد ممن هو؟ فقال: من أدعمان من فراهيد. قلت: وما فراهيد؟ قال: جرو الأسد بلغة عمان. أهـ

مولده ونشأته

ولد الخليل في البصرة حوالي سنة ١٠٠هـ ونشأ بها، وترعرع فيها وهي يومئذ مهد العربية ومطلع أقمارها، فياض بالمعارف ولا سيما الأدبية منها، فشب بين مربدها الذي أصبح عكاظ العرب بعد الإسلام، وحلقات أدبائها الذين كانوا مصابيح الدجى ونجوم الهدى،

<<  <  ج:
ص:  >  >>