للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

- ما هي؟

- هي ما يوجب العقل من تلطف الشركاء بعضهم مع بعض، فأنا أستطيع سد هذا النهر بنبابيت سنتريس

- ولا تخاف الحكومة؟

- الحكومة تركت هذا النهر في حراستنا، فنحن نملك من أمره كل شيء

- أنتم إذاً على استعداد لإساءة التصرف

ومع هذا لم نسيء التصرف، رعاية لمعنى واحد، هو البر بالصديق، ولو كان الزيات عدواً لعاملناه معاملة الأعداء، هذا مع العلم بأن الزيات صديق مضمون

- ما معنى هذه الكلمة الأخيرة؟

- إن لها معنى ومعاني، فالصديق المضمون هو الصديق الذي لا يخشى تغيره بأي حال، وإذن يجوز التحيف عليه باطمئنان، فيكون البر به غاية في الوفاء

- هذا معنى طريف، ولكنه يحتاج إلى بيان

- بيان ذلك أن من الأصدقاء من ينهاه قلبه وروحه عن مجازاة أصدقائه غدراً بغدر، وإيذاء بإيذاء. والصديق الذي يكون في مثل هذه الروحانية يلقى من أصدقائه متاعب ومضجرات؛ فالوفاء بعهده يعد أعجوبة في الحياة الأخلاقية، وأنا أطمع في الظفر بأكبر نصيب من مكارم الأخلاق

- نحن نسمع في مصر كلاماً جديداً

- ولكنه أقل من كلام العراق

- يعجبني تعصبك لأصدقائك، يا دكتور مبارك

- ولمن أتعصب إذا لم أتعصب لأصدقائي؟ لم يبق من الكرم غير حفظ العهد، وكل ما أخشاه أن يكون حظي من هذا المعنى أقل مما أريد. إن الهجوم على العدو لا يحتاج إلى عناء، لأنه ينبعث عن ثورة تعين على القتال، أما ملاطفة الصديق فتصدر عن عواطف رفيقة لا تساعد على الاستبسال

لو بذلنا في ملاطفة أصدقائنا معشار ما نبذل في محاربة أعدائنا لرضى الله عنا واصطفانا لأشرف الأعمال الأدب الحق هو أدبك في معاملة من لا تخاف أن يثور عليك

<<  <  ج:
ص:  >  >>