للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

مضت أعوام وأعوام ولا أرى شمس مصر عند الشروق، وقد رأيتها عند توديع الجنية ورأيت معها النخلات المتشوقة لنور الصباح

مضى الزمن الذي كان أبي يوقظني فيه لصلاة الصبح قبل طلوع الشمس

فهل نعرف كيف قضت الشريعة بصلاة الصبح قبل طلوع الشمس؟

شباب النهار في الشروق، وشباب الروح في الشروق، فاحذروا نومة الصبح، لأنها لا تليق لغير النساء

لو رجعت الجنية لحدثتها بما نقلت عنها وهي تغرب عني مع الشروق، كما يذهب الحلم الجميل مع الشروق

علمتني الجنية ما لم أكن أعلم، علمتني أن الحب جهاد، وأن الله لا يخذل المجاهدين

هل رأيت الجنية في داري بالإسكندرية؟ هل رأيتها هنالك؟ وهل كان هذا التناجي من الحقائق لا من الأباطيل؟

قلبي يقول إني رأيتها وأنا لا أكذب قلبي، فإن لم أكن رأيتها فما هذا الذي أعاني من لجاجة الواشين والرقباء؟

لم يروني معها جنباً إلى جنب، أو قلباً إلى قلب، وإنما رأوا بشاشة روحي وأنا عائد من الإسكندرية فقدروا أني احترقت في كوثر الوصال

وروائح النعيم في أعطافي، ونيران الوجد في أحشائي، فأنا رأيت الجنية هناك، ثم رأيتها هناك

رأيتها رأيتها، وشربت على وجهها كأس الصفاء، فليفرح روحي بما يزخرف خيالي، ولو صرحت لتعرضت للشرارة التي تنسف جبل البارود

أنا ما رأيت الجنية ولا رأتني، وما كان حديثي عنها إلا ضرباً من تزاوير الخيال، فليطمئن عذالي ورقبائي، وليعرفوا أن حديث الجنية بعض الذي زورت من الأحاديث

أنا قضيت ليلة مع الجنية بعد ليالٍ وليال، وهذا عطرها في قلبي، وهذا سحرها في قلمي، فليصاولني سكان وادي عبقر، إن كانوا يطيقون

أتغضب يا ربي لأن أقول هذا القول؟ أنا أحكم بما أرى، وأنت لعدلك لا تطالبني بأن أحكم بغير ما أرى، وهذه الجنية هي آيتك عندي على التفرد بالجمال

<<  <  ج:
ص:  >  >>