للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

أغان يغلب عليها السخف، لأنها تحاول دائماً أن تجعل لغة الشعب المصري لغة بعض أبنائه من أهل الصعيد (!؟)

والخطأ ظاهر في هذه المحاولة، لأن اللغة العامية للشعب المصري هي لغة أهل القاهرة، كما أن اللغة العامية للشعب الفرنسي هي لغة أهل باريس

وقد كان للصعايدة لغة خاصة يوم كانوا لا يتصلون بالعاصمة إلا بعد سفر يطول حتى يحترم أسابيع وأسابيع، فكيف تكون لهم لغة خاصة بعد أن صارت المسافة بين القاهرة وأسيوط لا تزيد عن المسافة بين القاهرة ودمياط إلا بدقائق، والمسافة هنا وهناك يقطعها القطار في مدة أقصر مما بين باريس وليون؟

سمعت في مساء اليوم الثالث والعشرين من شهر أيلول مغنياً يقول:

(طال بعدك ولا ساجل عني)

و (ساجل) هي (سائل) فهل سمعتم في أي أرض عربية أن الهمزة تنطق جيماً إلا على ألسنة الجهلة من أصحاب الأغاني الشعبية في محطة الإذاعة المصرية؟

إن لغة الخرطوم هي لغة القاهرة بالضبط الصحيح، فهل ترون الخرطوم أقرب إلى القاهرة من أسيوط؟

اتقوا الله في مصر يا جماعة المتحذلقين من أنصار العامية، فما يقول (ساجل) وهو يريد (سائل) إلا سخيف بلغ سخفه حداً لا يطاق

(طال بعدك ولا ساجل عني)

ذلك ما هتف به مغنٍ في محطة الإذاعة ولي عليه شهود، فماذا يبتغي هذا الظريف؟ أيزعم أن الصعايدة يجعلون الهمزة جيماً، وذلك زعم سخيف؟

إن لغة المصريين ارتقت رقياً عظيماً، وصار في مقدور صغار العوام عندنا أن يفهموا ما تنشره أعظم المجلات الأدبية بأيسر مجهود

ولكن محطة الإذاعة لا تفهم هذا القول

وأين محطة الإذاعة؟ حدثوني فقد غاب عنوانها عني!

إن جاريت المطرب الذي فرحت به فهي محطة (القزاعة) بالقاف، ولن ألتفت إلى (سقالها) إن وجهت إلي (السؤال)

<<  <  ج:
ص:  >  >>