للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

عصر إليزابث أو التي لم يكونوا يرون غضاضة في وجودها في أشعارهم، وقد أبت على ملتون بصيرته النقادة أن يقع فيما وقع فيه أسلافه، أو أن يبيح لنفسه تلك الضرورات الشعرية السخيفة التي لا يلجأ إليها كل شاعر لم تنضج شاعريته بعد

ثم ركد الشعر المرسل مرة أخرى بعد ملتون حتى عاد إليه شبابه - بعد النهضة - وذلك على أيدي أتواي ولي ودريدن

واستعمله في القرن الثامن عشر شعراء عظماء فأتوا فيه بالمعجز والمطرب، ومن هؤلاء طومسون وينج

ثم استعمله الشعراء المحدثون (شعراء القرن التاسع عشر) أمثال بيرون وشلي وسوبترن وكيتس وتنيسون، وإن لم يستحدثوا فيه شيئاً جديداً، إلا أنهم نظموا فيه الغرر المشجية وأمدوا الأدب الإنجليزي بثروة لن تبيد

وقد فهمت من حديث لي مع بعض الأدباء المصريين أنهم يعتقدون أن الشعر المرسل قد انتهى زمنه، وهذا رأي خاطئ، فقد نظم به رديار كبلنج نصف إنتاجه تقريباً كما نظم به برنردشو درامته العظيمة ' التي أعدها للمسرح عن قصته التي تحمل هذا الاسم، والتي اعترف هو نفسه بأنه إنما لجأ إلى نظمها بالشعر المرسل لأنه أيسر عليه أسهل من النثر!

وسنعرض في مقال آخر إن شاء الله لشعراء العصر الحاضر الذين لا يزالون يستعملون الشعر المرسل في تأليف قصصهم المنظومة ودراماتهم. وسنرى ما كان يلقاه بينرو المتوفي سنة ١٩٣٤ والذي أتى في الدرامة المنظومة بما يضارع ما جاء به شكسبير إن لم يتفوق عليه أحياناً من عنت نقاد الأدب الإنجليزي الحديث وسخفهم

أما الشعر الحر فلم يقرر المؤرخون على وجهه التحقيق متى بدئ استعماله، ولم يهتدوا إلى مبتكره الأول. وقد حاول ملتون في منظومته عن شمشون محاولة بارعة في الشعر الحر، كما شاع استعماله بين الشعراء الفرنسيين. وقد نظم به لافونتين في القرن الثامن عشر، ولكن على قواعد العروض اليوناني، وكذلك استعمله ماثيو أرنولد كثيراً فأجاد

هذا، وقد تفنن الشعراء في ابتكار الأوزان الجديدة لهذا الضرب من ضروب الشعر فأتوا فيه بالأعاجيب. . . على أنه لم ينتشر انتشاراً عالمياً إلا قبيل الحرب الكبرى (الماضية)؛ وتسمى الشعراء الذين آثروه واستعملوه بكثرة باسم أي الذين يصورون صور الأشياء

<<  <  ج:
ص:  >  >>