للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[٢ - الشعر المرسل والشعر الحر]

للأستاذ دريني خشبة

وظيفة الشعر المرسل والشعر الغنائي - الشعر العربي غنائي كله - الأقصوصة القصيرة المنظومة أو ال محاولة التخلص من القافية العربية - تحكم القافية العربية في تفكير شعرائنا - القافية المطردة هي التي حرمتنا من الملاحم والقصص المنظومة - لماذا جدد الأندلسيون - هل مضى زمن الملحمة والدرامة المنظومة.

يجب أن نعرف وظيفة الشعر المرسل قبل أن نقرأه، ويجب أن نعرف أن هذا الضرب من الشعر لا قافية له، لا يمكن أن يستعمل فيما يستعمل فيه الشعر الغنائي الذي لا يمكن أن يستغني عن القافية، لأن القافية هي نصف موسيقاه

والشعر المرسل الذي ابتكره الإيطاليون واقتبسه عنهم شعراء الدول الأوربية، وفي مقدمتهم الشعراء الإنجليز، إنما يستعمل في نظم الملاحم الطوال، والقصص الشعرية، والأبداعية منها على وجه الخصوص، كما يستعمل في الدرامة المنظومة

أما الشعر الغنائي، فيستعمل في القصائد والمقطوعات والموشحات، وذلك لأنها أحوج إلى الجمال الشكلي، والكمال الموسيقي من الملحمة ومن الدرامة ومن القصة الإبداعية وذلك لأنها أيضاً، أو لأن القصيدة أو المقطوعة أو الموشحة منها، عبارة عن خلجات سائبة، يجمع الشاعر أشتاتها لتتم له منها وحدة القصيدة آخر الأمر. فالشاعر الذي يناجي ليلاه، أو يشكو بلواه، أو يبرح به الوجد في خلوته، أو يقدس لله في وحدته، أو يرثي للإنسانية الدامية، ويرى الشمس تبزغ فتغني لها روحه، ويهتف بجمالها لسانه. . . ويرى الزهرة تفتر عن ثغرها الأقحواني فيذكر ثغر معذبته، فيجلس هنيهة ليقول بيتاً أو بيتين، وينظم مقطوعة أو مقطوعتين، وكأنما يذرف عبرة أو عبرتين. . . هذا الشاعر العابر لا بد له أن يتأنى. . . إنه في حاجة ماسة إلى الفن الكامل. إنه لا يستطيع أن يتخلى عن وتر واحد من أوتار قيثاره الخمسة، إنه بحاجة شديدة إلى فتحات نايه الست. . . إنه لن يقدر عن الاستغناء عن مفتاح واحد من مفاتحه السبعة. . . إنه ينبغي أن يقف عند آخر كل بيت، لأن كل بيت إنما يحمل معنى مستقلاً بموسيقاه وإن لم يستقل كل الاستقلال بمعناه. . . إن شعره هو غناء قلبه وترجمان عواطفه، وألحان روحه، وهو إذا رثى أو مدح أو وعظ أو

<<  <  ج:
ص:  >  >>