للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

لقد مضى زمن الملاحم. . . هكذا يقول شيوخ الأدباء في مصر. وعلى هذا فقد قضى على اللغة العربية وعلى الأدب العربي، وعلى المتأدبين العرب ألا تكون لهم ملحمة ما، كالإلياذة والأوديسة لهوميروس، والإلياذة لفرجيل، والكوميديا الإلهية لدانتي، والشاهنامة للفردوسي، والفردوسي، المفقود لملتون. . . بل قضى على الأدب العربي، والشعر العربي، وعلى المتأدبين العرب ألا يكون لهم قصص طويل منظوم رائع مثل فينوس وأدونيس والكريس لشكسبير وسوردلو

وباراسلزوس والخاتم والكتاب لروبرت بروننج، وتشيلد هارولد ودون اجوان لبيرون، وأدونيس وثورة الإسلام والملكة ماب لشلي، والقرية المهجورة لجولد سمث، وسهراب ورستم لأرنولد، وملاحم تنيسون الموسيقية البارعة، وأنديميون ولاميا وإيزابيلا. هذه الملاحم أو ال الشعرية الرائعة التي كان يخلق بشعرائنا أن يتعلموا منها كيف يقرضون الشعر، وهي مع هذا من نظم كيتس الشاب الذي لم يعد الثالثة والعشرين!

أما أن زمن الدرامة المنظومة قد مضى، وأن التمثيل باللغة العربية الفصحى قد فشل في مصر، فهو كلام لا يقوله قوم يؤمنون بنهضة أو يوقنون بإصلاح. وسنترك إنجلترا وفرنسا وألمانيا في الرد على هؤلاء اليائسين المتشائمين ونتجه بهم نحو مصر نفسها، فنذكرهم بالفرق الإنجليزية والفرق الفرنسية التي كانت تزورنا منذ عامين لا أكثر لتمثل لنا درامات شكسبير وموليير وغيرهما من مسرحي الإنجليز والفرنسيين. ثم نذكرهم في الوقت الحاضر بكواكب هوليوود ونجومها الذين - واللائى - يزورون مصر الآن للترفيه عن جنود الحلفاء في الشرق الأدنى والأوسط، وقد سمعت منهم - عن طريق الإذاعة - أكثر من خمسين أوبريت وعشرات من المشاهد المختارة من أبدع ما أنشأ شعراء الشعر المرسل

لست أدري لماذا يستمر الإنجليز في تمثيل درامات شكسبير ودريدن وبيترو ما دام أن زمن الدرامة المنظومة قد مضى في نظر شعرائنا الشيوخ الأفاضل؟

على أنه إن كان زمن الدرامة المنظومة قد مضى فماذا صنع شعراؤنا الأفاضل في زمن الدرامة المنثورة؟ لقد دعوناهم إلى مد المسرح والسينما بالدرامات الرفيعة التي نحن أحوج إليها من ألف ألف مقالة أو قصيدة أو مقطوعة مما يكتبون وينظمون، فهل فعلوا. . . هل

<<  <  ج:
ص:  >  >>