للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[المشكلات]

١٠ - اللغة العربية

للأستاذ محمد عرفة

لماذا أخفقنا في تعليمها؟ - كيف نعلمها؟

لقد كان يكفيني ما قدمته من الأدلة على فساد الطريقة الرسمية في تعليم اللغة العربية، وعلى صحة الطريقة التي بينتها وأفضت الكلام فيها، ولكني أعلم أن المألوف شديد انتزاعه، وأن النفوس تكره العدول عما وجدت عليه الآباء والأجداد إلى شيء لم يكونوا عليه، وربما خيل إليها أن السلف الماضين لم يؤثروا هذه الطريقة على ما عداها إلا لفضلها وكفايتها، وأن العدول عنها إلى غيرها عدول عن الحق النافع إلى الباطل الضار، ولو كان في هذا الجديد خير لسبق إليه الأولون

وإني أريد أن أبين أن الطريقة التي ندعو إليها هي طريقة العصور الزاهرة لسلفنا الماضين، وأنها لم تتغير إلى الطريقة التي نشكو منها إلا في عصور الضعف والتأخر العلمي، وأريد أن أذكر من أقوال السلف ما يشهد بتفضيل هذه الطريقة على طريقة القواعد والقوانين لأونس القلوب بأن ما أدعو إليه ليس شيئاً أنا ابتدعته وإنما هو شيء كان يعلمه رجال العلم والتربية من آبائنا السابقين

وأريد بعد ذلك أن أذكر بعض أقوال رجال التربية من علماء الغرب في هذا الموضوع لأبين أن العقل والدليل ورجال العلم في القديم، ورجال التربية في الحديث وعلماء الشرق والغرب على أن اللغات إنما تكتسب بالتكرار والحفظ والتعهد والدربة وأن القواعد والقوانين لا تكسب ملكة اللغة أول كتاب وضع في نحو اللغة العربية وعكفت عليه الأجيال هو الكتاب لسيبوية، وهو كتاب مليء بالشواهد من كلام العرب، شعرها ونثرها، وكلام الله وكلام الرسول، وأبياته تزيد على الألف، وكان الدارس له يحفظ أبياته وشواهده ويدرس قواعده، فيكتسب ملكة اللغة بما يحفظ من المنظوم والمنثور، ويعلم قوانينها بما فيه من القواعد، ولم يكن النحوي هو من عرف القواعد فحسب، بل كان النحوي هو من عرف القواعد، وحفظ أشعار العرب، وعلم تخريجها، وحفظ أيامهم وخطبهم وحكمهم ومساجلاتهم؛

<<  <  ج:
ص:  >  >>