للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بقوله:

شرَّق النسر وغرَّبْ ... وتتركْ وتعرَّبْ

فتحرى وتدرب ... وتناءى وتقرب

ولئن أطري وأطرب ... فهو نصاح مجرب

وهو إن أعرب أغرب ... وهو إن أعجم أعرب

وهو في ذلك يذكرنا بالأعشى في قوله:

وطوفت للمال آفاقه ... عمان فحمص فأوريشلم

أتيت النجاشي في أرضه ... وزرت النبيط وأرض العجم

وفي سن الثلاثين كانت قد انعقدت له شهرة لا بأس بها في الشعر والأدب والكتابة، فأقام في القسطنطينية وأخذ يحرر في صحفها المشهورة ما بين عربية وتركية؛ فلقد كان بارعاً في اللغتين متفوقاً فيهما حافظاً للكثير من روائع أدبهما

وكان في الرجل نزعة دينية قوية فأنشأ في العاصمة التركية مجلة (الإنسان) سنة ١٨٨٤، وكانت تصدر في كل شهر مرتين في أربع وعشرين صفحة لخدمة الإسلام أولاً، ولخدمة العلوم والفنون والزراعة والصناعة ثانياً؛ ولكن الحوادث دعتها إلى الاحتجاب بعد أن ظهر منها ١٩ عدداً؛ ولكنها عادت بعد سنة تقريباً إلى الظهور في شكل جريدة أسبوعية، وظلت إلى سنة ١٨٩٠، حينما عطلها صاحبها بنفسه مختاراً ليعود إلى مصر مستأنفاً جهاده في سبيل الصحافة العربية

ومن الصحف التي حررها المترجم له في القسطنطينية جريدة (الاعتدال)، وخاصة في أول إنشائها، وجريدة (السلام). والأولى كان يملكها أحمد قدري المترجم العربي للسلطان عبد الحميد؛ والثانية كانت للحاج صالح الصائغي، وهما عربيتان. أما الجرائد التركية التي اشترك في تحريرها، فأهمها (ارتقا) و (زمان)

وكان للمترجم له نشاط عجيب في إصدار الصحف وتحريرها كما كان نشاطه في التأليف أعجب، وما ظنك برجل صحافي يشتغل بالسياسة والتحرير ومشكلات عصره، ويطالع قراءه كل يوم أو كل أسبوع أو أسبوعين بمقال في الصحيفة التي يعمل فيها أو يملكها؛ ثم يجد من الوقت ما يتسع لتأليف ستين كتاباً في اللغة العربية وعشرة في اللغة التركية؟

<<  <  ج:
ص:  >  >>