للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ألا فلتحل اللعنة على أولئك الذين ديدنهم الإشراك وتقسيم الإله الأعلى المتعالي. . .

فشعره - كما يبدو لأول وهلة - مزيج من الرومانتيكية الجامحة والتصوف الرزين، مزيج من الأنوار والظلال، ومن العقل والجنون؛ فحيالة المحلق النفور قد عصف بكل الفواصل الأرضية، فانقطعت الصلة بينة بين أكثر القراء. حتى أن النقادة الكبير (ماتيو أرنولد) أطلق عليه لقب

(الشاعر السماوي المجنون)، إذ عاش حالماً بعوالم أثيرية قصية، مفعمة بأنفاس المحبة والجمال، (محدقاً تشفق الحياة الغائم) - وقد كرر هذا المعنى في شعره كثيراً -

ألا نهيم يا حبيبتي

نحو غابة الشفق.

حيث يتعالى القمر الوضئ؛

وهناك سأهمس إليك

في هواء الليل البارد

ما لست قادراً على البوح به في النور؟)

ولقد اختلف النقاد في تقدير ملكة شلي الفنية اختلافاً كبيراً، فهاجمه كثير منهم، أمثال صديقه الخائن (هوج) و (بيكوك) وغيرهما. بينما انتصر له النقادة الكبير ماتيو أرنولد وأنصفه من أعدائه. كما أن الكاتب الكبير لورد ماكولي كتب عنه يقول: إن شعر شلي لم يكن فناً وحسب، إن هو إلا وحي. أما البروفسور إيفور إيفانس أستاذ الأدب الإنجليزي في جامعة لندن، فقد رفعه إلى رتبة النبوة في شعره، واعتبره من أصحاب الرسالات المثلى في تاريخ البشرية

ومهما يكن من رأى النقاد فيه، فالحقيقة. أن فيه عنصراً غبر عادي، هو الذي حمل معاصريه على أن يروا فيه - على رأى ستيفن سبندر - رجلاً هستيري المزاج، منحرف السريرة، مزيجاً من الغول والإنسان، حتى أن رفاقه في المدرسة زروا عليه شذوذ سلوكه واندفاعاته الطائشة، فلقبوه بـ (شلي المجنون)، كما أن مؤسسة (شانسري) قررت حضانة ابنته من زوجه الأولى، بحجة أنه رجل متهوس مخبول، ليس أهلاً لإعالة إنسان. وفي ذلك - كما يبدو لنا - مظهر من مظاهر العبقرية السامقة التي لا تخضع لمقاييس الناس

<<  <  ج:
ص:  >  >>