للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ويومئذ يكون هذا هو العلم الصرف وهذا هو التحقيق العجيب. . .

وإذا كان لهذا الكاتب عذر من قلة الفهم فقد كان ينبغي أن يتجنب قلة الذوق لئلا يجمع بين الفقرين السيئين، وفي واحد منهما كفاية

فلا يحسب علينا أن نطيل القول في حديث الإفك دفاعاً وتصحيحاً وهو يطيل القول فيه للتوهين والتشكيك

(فنحن نقول (على الذي يقبل وشاية كتلك الوشاية الواهية أن يروض عقله على تصديق أمور كثيرة لا موجب لتصديقها. . . عليه أن يصدق أن صفوان بن المعطل كان رجلاً لا يؤمن بالنبي ولا بأحكام الإسلام، وأن يصدق أن السيدة عائشة كانت وهي زوج النبي لا تؤمن به ولا تعمل بدينه)

فإذا بالناقد الفهيم يعقب على ذلك فيقول: (والذي أراه أن هذا الاستدلال مجتلب بل محض ذاتي، وذلك لأننا نعلم من طريق المشاهدة والملاحظة أن البشر يتفق لهم أن يزلوا وإن كانوا من أهل التصديق والإيمان)

وهذا كلام فيه سوء فهم وسوء ذوق مجتمعان!

سوء فهم، لأن المسألة هنا ليست مسألة الزلل وكفى، ولكنها مسألة الشك في اتصال النبي بعالم الغيب وقدرته على كشف الحقيقة مع إنكار المنكرين. وليس في المشاهدة والملاحظة التي يتشدق بها هذا الكاتب الفهرسي أن امرأة نبي تفعل ذلك وهي مؤمنة به، وتفعله بغير إغراء يستطير الألباب من الرءوس

أما سوء لذوق فكفى أن نشير إليه ولا نطيل فيه، وكفى الآن من هذا الموضوع إلى حين.

عباس محمود العقاد

<<  <  ج:
ص:  >  >>