للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

خلائقها ولم تظهر مقدار الصدق أو البطلان فيما يقال عنها

وكل ما يجب علينا أن نثبت مقال الخصوم فلا نحذف منه شيئاً، وأن نعرضه على مقاطع الحجج أو مواضع الاحتمال والترجيح فلا نغفل منها شيئاً، ثم نقابل بين الكفتين لندل على الراجحة منهما والمرجوحة، دون أن نكره القارئ على التصديق بغير برهان. وهذا ما صنعناه

وهذا الذي يعده الكاتب الذي حرمه الله الذوق والفهم لجاجة وخروجاً من وظيفة البحث العلمي إلى وظيفة الدفاع

ومن الواضح أن الباحث العلمي مطالب بالالتفات إلى البراهين القاطعة والوقائع الحاسمة كما هو مطالب بالالتفات إلى القرائن المرجحة والأدلة المحتملة، فلا يلام على قرينة لأنها غير قاطعة، ولا على دليل لأنه غير حاسم، ولكنه يلام إذا أهمل شيئاً من ذلك أو أثبته ثم أعطاه حظاً من القوة غير حظه الذي يحتويه

ونحن قد أتينا بكل ما يخطر على البال من جانبي المقال، ولم نبالغ قط في قيمة ترجيح أو احتمال، فقيل إنه خروج من البحث إلى الجدال

ولكن ما هو البحث الخالص البريء الذي لا جدال فيه يا ترى؟

هو الإسهاب في متابعة كل حجة وكل قرينة للتشكيك والتوهين، إذ التشكيك والتوهين هما العلم الذي لا جدال فيه. . . أما التصحيح والتبرئة فهما الجدال الذي يعاب على الباحثين والعلماء. . .!

وهذه أمثلة من إسهاب كاتب (المقتطف) الذي برئ من الفهم والذوق وصراحة التفكير واستقامة القياس

قال يعنينا:

(من ذلك أنه أول شكوى امرأة صفوان بن المعطل - وهو بطل حديث الإفك عند المرجفين - تأويلاً متزيداً فيه، ثم استند لأجل دعمه إلى خبر لا ندري ما يكون. وتفصيل ذلك أن المؤلف نقل أن امرأة صفوان شكته إلى النبي لأنه ينام ولا يصلي الصبح قبل طلوع الشمس، ثم زاد: وقد يحسن هنا أن نوجه شكوى امرأة صفوان إلى بعض معانيها. كأنها أرادت بثقل النوم كناية عن أمر آخر لا تفصح عنه. إذ قيل عن صفوان هذا إنه كان

<<  <  ج:
ص:  >  >>