للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الغرب جاثمة من فوقها نهاراً ومن تحتها ليلاً

ولكل من الشمس والقمر والكواكب والنجوم فلك حول الأرض أي طريق دائري يسير عليه. وهذه كلها تدور حول (الأرض) في أفلاك؛ فالقمر - وهو أقرب الأجرام إلى الأرض - يدور حول الأرض في فلك هو أقرب الأفلاك. وفوق فلك القمر فلك عطارد، ثم فلك الزهرة، ثم فلك الشمس، ثم فلك المريخ، ثم فلك المشتري، ثم فلك زحل، ثم فلك النجوم

هذا ما كان يقول به بطليموس وغيره من علماء اليونان. وقد أخذ كثيرون من علماء العرب ومن قبلهم الرومان بهذا الرأي واعتمدوا عليه. ومن هنا يتبين أن المقصود من الفلك الأعلى هو فلك النجوم الثوابت وهو يسير من الشرق إلى الغرب وتتبعه في ذلك سائر الأفلاك التي تحته أو التي في جوفه

ومع أن كلا من الكواكب السيارة وغير السيارة خاضع لسير آخر خاص به لا محل لتفصيله؛ فإنها على الرغم من ذلك تتحرك حول الأرض من الشرق إلى الغرب. وهنا يتجلى السبب في استعمال (قهراً) أو (قسراُ) كما وردت في بعض الكتب الفلكية القديمة

ولقد عانى العرب ومن قبلهم علماء اليونان كثيراً في تعليل بعض الحركات وفي تفسير بعض الظواهر الطبيعية على أساس ما أخذوا به واعتمدوا عليه في جعل الأرض مركز الكون. وعجبنا كما عجب غيرنا كيف أن بطليموس وأضرابه من حكماء اليونان والرومان وفلكي العرب والإسلام وفيهم البوزجاني والبتاني والبيروني والصوفي والطوسي وغيرهم - وهم من ذوي الأدمغة الكبيرة - نقول كيف أن هؤلاء تمسكوا بهذا الرأي وكيف أن أفق تفكيرهم لم يصل إلى استجلاء حقيقته وكشف الخطأ فيه، وأن عقولهم الجبارة لم تستطع أن تقودهم إلى معرفة حقيقة مكان الأرض من الكون

والواقع المقطوع به الآن أن الأرض جرم من الأجرام السماوية يدور حول الشمس ويخضع للنواميس والأنظمة التي تخضع لها موجودات هذا الكون، وأنها (أي الأرض) سيار كبقية السيارات لا أكثر!

(نابلس)

قدوري حافظ طوقان

<<  <  ج:
ص:  >  >>