للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الاجتماعية، وهو موضوع يختلف فيه اليوم كاتبان كبيران كلاهما له حق الرأي والتوجيه في هذه الشئون، وهما الأستاذ أحمد أمين والأستاذ توفيق الحكيم

فالأستاذ أحمد أمين يقول: (إن الأدب العربي إلى الآن تغلب عليه النزعة الفردية لا النزعة الاجتماعية، فالغزل والمديح والعتاب والرثاء والفخر والهجاء ونحوهما كلها في الأدب القديم نزعات فردية طغت على الأدب العربي ولو نته اللون الذي نراه. . . وأرى أن العربي يجب أن يتجه من جديد إلى النزعة الاجتماعية. . . أعنى نظر الأدباء إلى مجتمعهم الحاضر يشتقون منه رواياتهم وأقاصيصهم وشعرهم ومقالاتهم الأدبية. . . وهذا النوع من الأدب يجب أن يكون أسلوبه سهلاً واضحاً جميلاً جهد الطاقة، لأنه لا يؤدي رسالته حتى يصل إلى آذان أكبر عدد ممكن في الحقيقة الاجتماعية)

والأستاذ توفيق الحكيم يقول: (إن استيحاء أساطير اليونان والرومان وامرئ القيس وشهرزاد هو النوع الأرقى في الأدب. . . في كل أدب. . . لا في الماضي وحده ولا في الحاضر. . . بل في الغد أيضاً وبعد آلاف السنين. . . وإن اليوم الذي نرى فيه الأدب قد استخدم للدعايات الاجتماعية والتصوير استغل في معارض الإعلان عن السلع التجارية، والشعر جعل أداة لإثارة الجماهير في الانتخابات السياسية - لهو اليوم الذي نوقن فيه بأن الإنسان قد كر فانقلب طفلاً يضع في فمه تحف الذهن وطرف الفكر، لأنه لا يدرك لها نفعاً غير ذلك النفع المادي المباشر. . . هذا هو الفرق الوحيد بين الإنسان والحيوان). . . وقد سألني أدباء فضلاء من قراء الرسالة: ما الرأي بين المذهبين؟ وأي القولين فيه الخطأ وأيهما فيه الصواب؟

وأقرب الوسائل عندي إلى الوجهة القصوى من هذا الاختلاف أن نعود إلى الماضي البعيد لنرى على التحقيق الذي لا تردد فيه - على ما نعتقد - إن وجهة الأدب والأخلاق والشريعة جميعاً إنما تتقدم من الاجتماعية إلى الفردية، لا من الفردية إلى الاجتماعية، كما يؤخذ من مقال الأستاذ أحمد أمين

ولهذا كانت أغراض الأدب العربي فيما مضى هي الأغراض التي تعني القبيلة ولا تعني أفرادها على استقلال، وهي الفخر والحماسة والمديح والهجاء والغزل والرثاء

فالفخر بالأنساب والأحساب سنة من سنن القبائل البدوية التي تتفاضل بعراقة الأجداد

<<  <  ج:
ص:  >  >>