للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حتى اضطر الحباب إلى أن يشكوه إلى أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان، فكتب معاوية إلى نائبه بالحجاز يهدر دم قيس إن تعرض للبنى، وأمر أباها أن يزوجها رجلاً من كندة، فزوجها من كثير بن الصلت

وتلهي قيس بالاتجار في الإبل، وذهب بقطعة منها إلى المدينة فلقيه زوج لبنى ووقف يشتري منه ناقة وهو لا يعرفه، وذكر له أن يأتي إلى دار كثير بن الصلت ليقبض الثمن إذا أصبح. وذهب كثير إلى منزله، وأمر أن تعد لبنى غداء يتناوله مع أحد أضيافه. . . فلما كان الغد، وأقبل قيس، وصوت بالخادم لتخبر سيدها أن صاحب الناقة بالباب، سمعته لبنى وعرفته، فلما دخل لقيته، وكشفت قناعها، فبهت ساعة لا يتكلم، ثم نشج نشيجاً مؤلماً، واستخرط في البكاء، وانصرف من فوره محزوناً محطماً. . . وأرسلت وراءه لبنى من يسأله فيم تزوج، فقال: أقسم ما اكتحلت عيني بالمرأة التي تزوجتها ولو رأيتها ما عرفتها ولا مددت إليها يداً ولا كلمتها ولا كشفت لها عن ثوب! فكانت إجابة جددت هوى لبنى وفجرت قديم حبها!

وسافر قيس إلى الشام ليلقى معاوية، فلقيه ابنه يزيد فشكا إليه حاله، فرثي يزيد له، وأزال ما كان كتب أبوه من إهدار دمه

وأكثر الرواة بعد ذلك على أن قيساً ولبنى قد توفيا مفترقين. وذكرت قلةٌ أن ابن عتيق قد توسل إلى كثير، زوج لبنى، بالحسن والحسين وجماعة من أهل البيت في حاجة لم يذكرها له حتى وعد أن يقضيها مما له من ملك أو مال أو أهل، فقال ابن أبي عتيق: إذن تهب لي لبنى زوجتك وتطلقها! ففعل كثير، واستحيا الحسن والحسين ومن معهما لأن ابن أبي عتيق لم يطلعهم من ذلك على شئ من قبل. . . وأبقى ابن أبي عتيق لبنى عنده حتى قضت عدتها، ثم زوجها قيساً، فنعما بما كان لهما من سابق حب وسعادة حتى ماتا!

فهذه إذن قصة قيس ولبنى كما أوردها أبو فرج في الأغاني، لخصناها على هذا النحو المضغوط، لنقابل بينها وبين تلك القصة الشعرية الجميلة التي نظمها الشاعر الكبير المتفنن عزيز أباظة، للمسرح المصري أولاً، وليزيد بها في ثروة الأدب العربي، وليساهم في تجديد هذا الأدب أولاً وقبل كل شئ!

فماذا صنع هذا الشاعر الكبير بتلك القصة الفريدة؟ ومن أي نقاطها آثر أن يبتدئ، وعند أي

<<  <  ج:
ص:  >  >>