للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ثم انبعثن عواطلاً فإذا لها ... قرن الكباس إلى جناح طيور

وقال صرّ در ملغزاً بجرة (توفى عام ٤٦٥هـ):

ذاتُ أيدٍ ثلاثة أبدَ الدهْ ... ر ترى فوق رأسها أيديها

شربتْ ما سقيتهَا من شراب ... ثم تسقيك مثل ما تسقيها

خَرْتُ آذانها مَغابنُ أيدي ... ها ويافوخُها مقرٌّ لمفيها

ولأبن الخشاب بلغز في كتاب (توفى سنة ٥٦٧هـ):

وذي أوجه لكنه غير بائح ... بسر، وذو الوجهين للسر مظهر

تناجيك بالأسرار أسرا وجهه ... فتفهمها ما دمت بالعين تنظر

وقال شاعر يلغز في (الإبرة):

سعت ذات سَمّ في قميصي فغادرت ... به أثراً، والله يشفي من السمِّ!

كست قيصراً ثوب الجمال وتبَّعاً ... وكسرى وعادت وهي عارية الجسم

وللحاتمي في الباب (توفى عام ٣٨٨هـ):

عجبت لمحرومين من كل لذة ... يبيتان طول الليل يعتنقان

إذا أمسيا كانا على الناس مرصداً ... وعند طلوع الفجر يفترقان

ألغاز في اللفظ والتركيب والإعراب

مرت بنا أمثلة مختلفة لأبيات المعاني قديمها ومحدثها. . . أما الضرب الثاني من ضروب الألغاز وهو ما يستعان فيه بالأغراب في (اللفظ أو التركيب والإعراب) فذلك ما تتضاءل جودته أمام النوع الأول ويصغر قدره دونه

وإن أثر التكلف والصنعة ليظهر فيه ظهوراً لم تعرفه العربية في عصورها المتقدمة. وهو لا يعدو أن يكون - في أكثر أمره - تمويهاً لفظياً سهل الإدراك قليل العمق، لا يصعب على السامع فهمه، ولا على المنشئ إيراد مثله

ومن أقدم نماذجه التي تلمسها اللغويون في شعر الأوائل. قول الفرزدق:

يفلِّقنَ هاماً لم تنله سيوفنا ... بأسيافنا هام الملوك القماقم

قال ثعلب: ها حرف تنبيه ومن استفهام. قال مستفهماً: من لم تنله سيوفنا؟ وتقدير البيت: يفلقن بأسيافنا هام الملوك القماقم. قلت: فيكتب البيت هكذا:

<<  <  ج:
ص:  >  >>