للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

يرسله إلى معاوية فأجابهم، فأرسلوا إلى حجر فحضر عند زياد، فلما رآه قال: مرحباً بك أبا عبد الرحمن، حرب في أيام الحرب، وحرب وقد سالم الناس، على أهلها تجني براقش. فقال حجر: ما خلعت طاعة، ولا فارقت جماعة، وإني لعلي بيعتي. فقال زياد: هيهات هيهات يا حجر، تشج بيد وتأسو بأخرى، وتريد إذا أمكن الله منك أن ترضى، كلا والله. فقال حجر: ألم تؤمني حتى آتى معاوية فيرى في رأيه؟ فقال زياد: بلى قد فعلنا، انطلقوا به إلى السجن

ثم بعث زياد إلى أصحاب حجر حتى جمع منهم أثنى عشر رجلا في السجن، ودعا رؤساء الأرباع وهم عمرو بن حريث وخالد بن عرفطة وقيس بن الوليد وأبو بردة بن أبي موسى الأشعري، وقال لهم: اشهدوا على حجر بما رأيتم منه، فشهدوا أن حجراً جمع إليه الجموع، وأظهر شتم الخليفة، ودعا إلى حرب أمير المؤمنين، وزعم أن هذا الأمر لا يصلح إلا في آل أبي طالب، وأن هؤلاء النفر الذين معه هم رؤوس أصحابه، وعلى مثل رأيه وأمره

وقد نظر زياد في شهادتهم فقال: ما أظن هذه الشهادة قاطعة، وإني لأحب أن تكون الشهود أكثر من أربعة. فكتب أبو بردة شهادة غيرها قال فيها: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما شهد عليه أبو بردة بن أبي موسى لله رب العالمين، شهد أن حجر بن عدي خلع الطاعة، وفارق الجماعة، ولعن الخليفة، ودعا إلى الحرب والفتنة، وجمع إليه الجموع يدعوهم إلى نكث البيعة، وخلع أمير المؤمنين معاوية، وكفر بالله عز وجل كفرة صلعاء. فقال زياد: على مثل هذه الشهادة فاشهدوا، أما والله لأجهدن على قطع خيط عنق الخائن الأحمق. فشهد عليها سبعون شاهداً من وجوه أهل الكوفة

ثم بعث زياد بحجر وأصحابه إلى معاوية ومعهم الشهادة، فحبسهم بمرج عذراء، وكتب إلى زياد: أما بعد فقد فهمت ما اقتصصت به من أمر حجر وأصحابه، وشهادة من قبلك عليهم، فنظرت في ذلك، فأحياناً أرى قتلهم أفضل من تركهم، وأحياناً أرى العفو عنهم أفضل من قتلهم، والسلام

فكتب إليه زياد: أما بعد فقد قرأت كتابك، وفهمت رأيك في حجر وأصحابه، فعجبت لاشتباه الأمر عليك فيهم، وقد شهد عليهم بما قد سمعت من هو أعلم بهم، فإن كانت لك حاجة في هذا المصر فلا تردن حجراً وأصحابه إلي

<<  <  ج:
ص:  >  >>