للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[التناقض]

في كتاب النثر الفني

للأستاذ محمد أحمد الغمراوي

تقدم فيما أسلفنا من كلمات مثل من تناقض صاحب النثر الفني، لكن المقام في تلك الكلمات لم يكن يسمح بالتنبيه إلى ذلك التناقض إلا عرضاً. فلعل من الخبر الآن أن ننبه إلى بعض ما فاتنا التنبيه إليه هناك

وأول ما نحب التنبيه إليه من هذا تناقضه في موقفه من المأثور من النثر الجاهلي. فبينا هو ينفيه ويغالي في موقف، إذا هو يثبته ويؤكده في موقف، فهو ينفيه نفياً بتاً في قوله:

(وما نقله الرواة من النصوص لا يكفي لتعيين أساليب النثر في العصر الجاهلي. . . وهو على قلته مما وضع في العصر الأموي وصدر العصر العباسي لأغراض دينية وسياسية) ص٣٥: أول: ثم يؤكد ذلك في صفحة ٣٧ إذ يقول:

(وإذا كان الشعر الجاهلي مهدداً بمثل هذا الرفض مع اتفاق الباحثين على أنه كان وحده موضع عناية الرواة والحفاظ والناسخين، فكيف يمكن الاطمئنان إلى صحة ما نسب إلى الجاهليين من النثر مع أن عناية الرواة به قليلة، ومع أن من خطباء الإسلام نفسه من ضاعت آثارهم لقلة التدوين) لكنك تقرأ في صفحه ٥٢ ما ينقض هذا من أساسه إذ يحدثك:

(فأنا من الذين يرون أنه كان هناك أدب جاهلي واسع النطاق. . .

يقولون: وأين آثار ذلك الأدب الجاهلي؟

وأجيب: بأن ذلك الأدب قد ضاع أكثره حتى ليصعب أن تتخذ منه أداة لوصف ما كان عليه الجاهليون من أنظمة أدبية وسياسية واجتماعية ودينية

وهنا يبتسم المنكرون قائلين ومن يدرينا أنه كان هناك أدب ضاع؟

وعند هذه المفاجأة نجد الجواب، لأن الأدب الجاهلي لم يضع إلا عند المتأخرين، أما المتقدمون من رجال القرن الأول والثاني والثالث فقد عرفوه وتدارسوه)!

ثم يعود فيؤكد هذا في صفحة ٥٣ إذ يقول: (أنا أقول بأن الأدب الجاهلي لم يضع إلا عند المتأخرين، أما المتقدمون فكانوا يعرفونه ويروونه ويتجرون به الأسواق الأدبية وعلى أبواب الملوك

<<  <  ج:
ص:  >  >>