للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد خلق الذكور، نفوساً وأجساماً، بحيث يريدون تحقيق رغباتهم الجنسية ويستطيعون تحقيقها كرهاً إذا بدا لهم الإكراه، ولم تخلق هذه المزية للأنثى في نوع من الأنواع، وليس إمكانها بمعقول

ولا عبث في هذه التفرقة بين مزية الجنسين، لأن الأنثى ليست بها ولا بالنوع حاجة إلى تسليط إرادتها بعد الحمل الذي يشغلها عدة شهور. فمن العبث أن تعطي الإرادة لتعطل وظائف الذكور في خلال هذه الشهور، ومن مصلحة النوع أن تكون مزية الإرادة والسيطرة للرجل ومزية الطاعة والتلبية للمرأة. وهكذا شاءت حكمة الخليقة سواء عندها من يشاء من اللاغطين ومن لا يشاءون

وكما قضت حكمة الخليقة بالإرادة والسيطرة للرجال قضت بفارق آخر بين الجنسين يجعل التدبير وبعد النظر خاصة للرجال لا يرزقها النساء

فكثيرا ما تلام المرأة، لأنها أسيرة لميولها الحاضرة، تندفع معها ولا تفكر في عواقب الأمور ولا يفلح معها الإقناع ولا الوعيد في تحويلها عن تلك الميول

ويفوت اللائمين أن نسيان العواقب ضرورة فزيولوجية لتحقيق فريضة النوع من جانب النساء، فلو كان من طبع المرأة أن تبالي بالعواقب وتوازن بينها وبين الميول الحاضرة لتعاظمت أمامها متاعب الحمل والولادة والحضانة وما فيها من أخطار قد تودي بالحياة ومن منغصات قد تبغض الإنسان في أقدس الواجبات

فهذه ضرورات الخلقة التي لا كلام فيها لعلم عالم ولا لتحليل محلل قد ميزت الرجل بالسيطرة والإرادة في صميم الفارق بين الذكورة والأنوثة، وقد جعلت وظيفة الرجل وظيفة لا يناقضها التدبير والنظر البعيد، كما يناقضان وظيفة المرأة

وحكمة الخليقة هنا يؤيدها المشاهد المحسوس، فإذا علمنا أن تكوين النساء لا يتيح لهن جملة أن يساوين الرجال في مزايا الإرادة والعزيمة والتدبير والنظر البعيد؛ فكل كلام عن تشابه الملكات بعد ذلك محض هراء

نعم تعرف للمرأة مزاياها التي لا يشابهها فيها الرجال، وهي مزايا يفيد فيها التخصيص والتوزيع، ولا مناص فيها كما قدمنا من التباين والافتراق في مراحل التعليم وفي مراحل العمل والمعيشة، هذا الذي نعنيه ونخشى أن يغفل عنه المتعجلون والمغربون في انتحال

<<  <  ج:
ص:  >  >>