للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أما البلاغة في المبني فمزيتها خلوها من الحشو والتكلف، وبعدها عن الإبهام والتعقيد، وحرصها على الوضوح والطلاوة ومجيئها عن محض الشعور والسجية. هكذا الأسلوب لا يعتبر جزلاً إلا إذا كان سهلاً ممتعاً، مؤدياً المعنى بلغة صحيحة، وعبارة رشيقة، ولفظ متلائم

أما الإيجاز في التعبير، فهو من أهم لزوميات هذا العصر الخاطف، الذي جعل الناس يتنقلون من قطر إلى قطر بسرعة تبز جوارح الطير، ويرسلون أصواتهم وأفكارهم من قطب إلى قطب، كما ترسل الصواعق

لقد مضي عهد المداورات والمترادفات، وتصرم زمن الاستغراق في الكنايات والاستعارات، وجاء العهد الذي يستدعي الكاتب النفاذ إلى لب الموضوع بسرعة توازي سرعة العصر الذي نعيش فيه

فالمعاني التي تستوعب بصفحة من خطل الرأي أن نعبر عنها بصفحات. والفكرة التي توضح بجملة من الخطأ أن نمدها في كثرة الجمل. فالكتاب الشائق في هذا العصر هو الكتاب السهل المأخذ، الغني بروي البيان والفكر والتعبير الموجز

أما المطولات فقد تصرم عهدها وطوتها الرفوف

إني أوثر اليوم أن تنسج بضاعة القلم على هذا النحو، فلكل عصر بضاعة كما لكل عصر رجال.

(بيروت)

توفيق حسن الشرتوني

<<  <  ج:
ص:  >  >>