للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الخبز وراويتين من ماء النيل

وبنى القاضي الفاضل المدرسة الفاضلية بجوار داره سنة ٥٨٠ ووقف بها جملة عظيمة من الكتب قيل إنها كانت مائة ألف مجلد. ومدرسة الأمير جمال الدين بنيت سنة ٨١٠ ووقف فيها لكل طالب ثلاثة أرطال من الخبز و٣٠ درهماً في الشهر ولكل مدرس ثلاثمائة درهم

وكذلك كانت حواضر البلاد الإسلامية العربية الأخرى غاصة بالمدارس. وقد عد المؤرخون في دمشق وحدها مائة وثلاثين مدرسة وفي بيت المقدس زهاء خمسين. وقيل إنه كان في قرطبة وحدها أيام الحكم المستنصر ثمانون مدرسة

كانت تدرس بهذه المدارس العلوم الدينية والعربية والعلوم الفلسفية والطب والرياضة. وكان بكل مدرسة خزانة كتب غالباً، كما كانت بعض الدور التي بنيت لتكون خزائن كتب مدارس أيضاً. وما كان أعظم جدوى خزائن الكتب في تيسير العلم والتقاء العلماء في العصور التي لم تكن فيها مطابع تيسر للناس الكتب بأثمان قليلة وزمن يسير. وكم يحدث التاريخ عن خزائن الكتب في دمشق وبغداد والقاهرة وقرطبة

روى ياقوت أنه كان بكركر من نواحي القُفص ضيعة نفيسة وقصّر جليل لعلي بن يحيى المنجم - وكان من العلماء المقربين عند الخليفة المتوكل، ومن بعده إلى المعتمد، وتوفي سنة ٢٧٥ ودفن بسر من رأى - وكان في القصر خزانة كتب عظيمة يسميها خزانة الحكمة يقصدها الناس من كل بلد فيقيمون فيها ويتعلمون فيها صنوف العلم. والكتب مبذولة لهم في ذلك والصيانة مشتملة عليهم، والنفقة في ذلك من مال علي بن يحيى. فقدم أبو معشر المنجم من خراسان يريد الحج وهو إذ ذاك لا يحسن كبير شئ في النجوم فوصفت له الخزانة فمضى ورآها فهاله أمرها، فأقام بها وتعلم فيها علم النجوم، وقد جمع على هذا للفتح بن خاقان وزير المتوكل من الكتب أكثر ما اشتملت عليه خزانة حكمة قط، كما يقول ياقوت

ويقول ياقوت كذلك في ترجمة جعفر بن محمد الموصلي المتوفى سنة ٣٢٣: (وكان له ببلده دار علم قد جعل فيها خزانة كتب من جميع العلوم وقفاً على كل طالب للعلم لا يمنع أحد من دخولها، وإذا جاءها غريب يطلب الأدب وكان معدما أعطاه ورقَاً وورِقا. تفتح في كل يوم). ويقول ياقوت عن مدينة مرو: (فارقتها وبها عشر خزائن للوقف لم أر في الدنيا

<<  <  ج:
ص:  >  >>