للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

قيمته في نقصان حتى يصبح عادياً تافها كأنه والحرمان سواء.

فالقصر الجميل هو أجمل ما يكون في عين من يمر به ويقل جماله شيئاً فشيئاً في عين من له به علاقة ما، حتى إذا بلغت المالك وجدت القصر لا قيمة له في نظره، ووجدت شعوره به كشعور الفلاح نحو كوخه، والفقير نحو عشه، وكلما طال الزمن بالغني تفه القصر في نظره، وحرم حرماناً تاماً من لذة الملكية، وصارت لذته خيالا لمن يمر به ويتصور نعيم سكانه أو مالكه.

وهذه قاعدة الحياة، فأجمل أيام الزوجية قبيل أيام يتخيل المرء أو المرأة ما ينتظر من نعيم مقيم، وأيام يسبح خياله أو خيالها في الآمال والأماني التي لا حد لها، ثم تصدمه أو تصدمها الملكية أو شبه الملكية، فإذا كل شيء عادي مألوف.

وأجن بالكتاب قبيل شرائه وعند شرائه، وأبيت ليلة وأنا أحلم به ولا أسمح لنفسي بالنوم ليلة الشراء قبل تصفحه ومعرفة ما فيه أو على الأقل عناوينه، ثم يوضع في المكتبة وينسى وكأنه لم يملك.

والأملاك الواسعة والغنى الوافر أمل الناس جميعاً، ولو درسوا في دقة - أربابها وحالهم وشعورهم لوجدوا الفرق الواسع بين ما يتخيلون وما يدرسون، ولو وجدوا أن أكثر الأغنياء يعانون من غناهم ما لو عقلوا وخف عنهم جنون الملكية لنزلوا للمجتمع عن شيء مما يملكون ويعانون، فسعدوا وأسعدوا.

أليس عجيباً في هذه الحياة أن ألذ شيء في الملكية خيالها؟

أحمد أمين

-

<<  <  ج:
ص:  >  >>