للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نريد أن نعيب على رامي عدم انتفاعه بأحد ممن ثقفوا الموسيقى الغربية ومرنوا فيها، بل برزوا في التأليف بها. . . والمؤلم أنه يعرف الكثيرين منهم، وأن الكثيرين منهم يعرفونه. والرجل الذي تضعه المقادير في المكان الذي يهيئ له القيام بثورة إصلاحية ثم ينكص على عقبيه، فلا ينتهز الفرصة التي هيأتها له هذه المقادير هو رجل مقصر بلا ريب، إن لم يكن شيئاً آخر لا نؤثر التعبير به

٤ - ويزيد في أسفنا - بهذه المناسبة - إعراض رامي عن التأليف للمسرح في دائرة اختصاص مواهبه الشعرية: ولعل الذين لا يعرفون ماضي رامي المسرحي يسألون: وما بال رامي، وما بال مطالبته بشيء لم يدرسه، أو لم يألفه؟ فعلى هؤلاء أن يعلموا أن رامياً قد خدم الثقافة المسرحية في مصر خدمة طيبة سيذكرها له الذاكرون دائماً؛ فقد أخذ نفسه بترجمة مجموعة كبيرة من أشهر الروايات مثلت جميعاً على المسرح المصري، وخلبت الباب نظارتها بجمال أسلوبها وحسن اختيارها ومرونة ترجمتها حتى تلائم المتوسط العام لجمهور مسرحنا، ومن هذه الروايات هملت ويوليوس قيصر والعاصفة والنسر الصغير، ويهوديت وفي سبيل التاج وجان دارك وشالون كورداي وسميراميس. . . ومجرد ذكر أسماء هذه الروايات يذكرنا بماضيها المسرحي الناجح في المسرح المصري. ولست أدري كيف يبلغ رامي هذه الدرجة من المجد الشعري، وكيف يبذل كل هذا المجهود في دنيا المسرح ولا يفكر مطلقاً في نظم الدرامة المسرحية. . . ماذا نسمي هذا التقصير الذي يحدث هوة سحيقة في مجد رامي؟ وما سبب هذا التقصير يا ترى؟ هل سببه أنه كان يخضع لمقتضيات البيئة الفنية التي كان يعمل لحسابها؟! تلك البيئة التي صرفته - أو أوشكت أن تصرفه - عن قول الشعر، وعن التفكير في نظم الأوبرا أو الأوبريت، لقد حاول رامي مرة أن ينظم الدرامة المسرحية، وكانت محاولته جيدة ناجحة، وذلك حينما نظم (غرام الشعراء) التي نشرها (في الرسالة) (على ما اذكر)، والتي مثلتها إحدى الفرق المصرية ولا تزال محطة الإذاعة الحكومية تعيد إذاعتها بين الفينة والفينة. فماذا وقر في ذهن رامي بعد هذه المحاولة؟

٥ - ومما يؤخذ على رامي أنه وقف بتجديده في الأغاني المصرية عند حد الابتعاد بها عن الابتذال القديم، وتوسيع افقها بتضمينها تصوير الطبيعة المصرية والإفاضة في تحليل

<<  <  ج:
ص:  >  >>