للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

جثة ميت لأصابته نوبة تؤدي به إلى الهلاك، وهو نقله من حالة اسمها الحياة إلى حالة اسمها الموت في عرف الناس. . . وهنالك صورة أوضح من هذه الصورة في تأكيد الحياة لمن نتوهم أنهم أموات وهي خلود الفكر وتأثيره الموصول من مكان إلى مكان على اختلاف الأزمان، فأفلاطون لم يمت، والغزالي لم يمت، والمتنبي لم يمت، لأن هؤلاء بتأثيرهم الروحي أحياء غير أموات

- والدكتور زكي مبارك؟

- هو أيضاً لن يموت، وسيحيا بفكره وروحه حياة لا يعروها فناء، وسيقال فيما يلي من الأجيال أنه أول شارح لنظرية وحدة الوجود

- ولكنها نظرية غير إسلامية

- قلت ألف مرة أنني أتكلم باسم الفلسفة لا باسم الدين، فلا تثقلي علي بأمثال هذا الاعتراض، فأسلافنا ظلموا أنفسهم حين قالوا إن الفلسفة لا تخالف الدين، وكانت النتيجة أن يعقوا الفلسفة والدين

- بدأت أفهم

- ألم أقل أني لو شئت أفهمت الأغبياء!

- أنا غبية؟ أنا؟

- لو لم تكوني غبية لما كدرت هذه الساعة اللطيفة بهذه الاعتراضات

- وهل يؤذيك أن أدعوك إلى شرح آرائك الفلسفية ليرعوي من يتهمونك في عقيدتك الدينية؟

- الناس لا يهمونني في شيء، فمصايرنا جميعاً محتومة بصورة أزلية، وليس للمؤمن ولا الكافر إرادة فيما صار إليه، وليس هناك تعليل واضح لسحر هذه العيون

- عيوني؟

- عيونك وعيون ليلى المريضة في العراق

- يظهر أن تهمتك بالجنون لها أصل

- نعم، ومجنون ليلى يتعجب من أن تغزوه ليلى بعينيها الكحيلتين وبينها وبينه مسافات تعجز عن اختراقها الشياطين

<<  <  ج:
ص:  >  >>