للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

قضية المرأة أيضاً

للأستاذزكريا إبراهيم

إذا كان الرجل والمرأة سواء، اللهم إلا فيما يرجع إلى الجنس، فلا بد لنا إذن من أن نستند إلى البحوث الفسيولوجية الخاصة بمسألة التفرقة بين الجنسين، حتى نستطيع أن نفصل في (قضية المرأة) فصلا علمياً صحيحاً. والبحوث الجنسية التي أجريت في هذا الصدد كثيرة متعددة، ولكن النتائج التي تستخلص منها مختلفة متعارضة. وسنحاول في هذا البحث الموجز أن نجد أساساً مشتركاً بين كل هذه البحوث، نجعله عمدة لنا في الوصول إلى رأي صحيح تنحل به مشكلة الجنسين، وبالتالي قضية المرأة.

وأول رأي يواجهنا في مسألة الجنسين، هو ذلك الرأي القديم الذي ينظر إلى المرأة والرجل على انهما جنسان مختلفان، يقوم كل منهما بنفسه، ويستقل كل منهما عن الآخر. وهذا الرأي يقضي بأن يكون الرجل متميزاً كل التميز من المرأة، لأن جنس الذكر أرقى وأكمل من جنس الأنثى، ولان المرأة هي التي جبلت من ضلع الرجل، لا العكس! وقد دأب الناس على أن يأخذوا بهذا الرأي، حتى أن أي شك يثار حول رجولة فرد، كان كافياً لأن يثور له ذلك الفرد، باعتبار أنه إهانة عظيمة لا تغتفر! وليس من شك في أن قصة الخلق - كما وردت في التوراة - كانت عاملا من العوامل التي أدت إلى اعتبار الرجل أرقى من المرأة، كما يظهر من استشهاد القديس بولس بها، في معرض المفاضلة بين الرجل والمرأة

ولكن البحوث العلمية التي قام بها علماء (الجنس) والتجارب المنوعة التي قاما بأجرائها، تدلنا على أن الأدنى إلى الصواب أن تكون الأنثى هي الأصل الذي اشتق منه الذكر. فالمرآة هي (الصورة الأولى) للنوع الإنساني، والرجل إنما هو (الصورة الثانية) التي تفرعت من ذلك الأصل، ومعنى هذا أن الذكر ينطوي في أثنائه على أنثى كامنة، هي الجنس الأصلي الذي تنزع إليه كل الثدييات. وهذه الأنثى الكامنة هي على استعداد لأن تظهر بشكل واضح، حينما تستأصل تلك الغدد الزائدة التي تعوق ظهورها - فليست الفروق الجنسية بين الذكر والأنثى إذن، فروقاً جوهرية أصلية، بل هي فروق فرعية مستجدة. وبعبارة أُخرى يمكن أن يقال أن التركيب الجنسي لأفراد كل فصيلة، له أساس مشترك يحتمل التذكير والتأنيث، وهذا ما يعبر عنه بالإمكانية الجنسية المتعادلة

<<  <  ج:
ص:  >  >>