للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يقول محمد عوفي معللا ظهور الشعر الفارسي الحديث ما يأتي مترجما مختصراً: (حتى إذا سطعت شمس الملة الحنيفية على بلاد العجم جاور ذوو الطباع اللطيفة من الفرس فضلاء العرب واقتبسوا من أنوارهم ووقفوا على أساليبهم واطلعوا على دقائق البحور والدوائر وتعلموا الوزن والقافية والردف والروي والايطاء والإسناد والأركان والفواصل. ثم نسجوا على هذا المنوال).

ثم يروي أبياتا أربعة لشاعر اسمه عباس مدح بها المأمون في مرو سنة ١٩٣ منها:

كس برين منوال بيش ازمن جنين شعري نكفت ... مر، زبان بارسي را هست تا اين نوع

بين

ليك زان كفتم من اين مدحت ترا تا اين لغت ... كيرد أز مدح وثناء حضرت تو زيب

وزين

وترجمتها:

ما قال أحد قبلي شعرا كهذا وما كان للسان الفارسي عهد به، وإنما نظمت لك هذا المديح لتزدان هذه اللغة بمدحك والثناء عليك.

فأعطاه المأمون ألف دينار عينا، وبالغ في اكرامه، يستمر عوفي فيقول: (ولم ينظم الشعر الفارسي أحد بعده حتى كانت نوبة آل طاهر وآل الليث فظهر شعراء قليلون، فلما كانت دولة السامانيين ارتفع علم البلاغة، وظهر كبار الشعراء).

ويروي شمس قيس: أن أول من قال الشعر الفارسي أبو حفص السغدي من سغد سمرقند وكان حاذقا في الموسيقى، وقد ذكره أبو نصر الفارابي وصور آلاته الموسيقية وقد عاش حتى سنة ٣٠٠هـ وينسب إليه هذا البيت:

آهوى كوهي دردشت جكونه دودا؟ ... جوندار ديار بي يار جكونة رودا؟

(كيف يعدوهذا الظبي الجبلي في الصحراء؟، أنه لا حبيب له فكيف يسير بغير حبيب؟)

فأما رواية عباس المروي فأن المؤرخ الناقد يرتاب فيها لأن غريبا أن يبدأ الشعر الفارسي بهذا الأسلوب المتين ثم يصمت الشعراء أكثر من مائة سنة لا يؤثر عنهم شيء. وأما رواية السغدي فراجعة إلى العصر الذي بدأ فيه الشعر الفارسي وسجل لنا التاريخ بعض شعرائه.

ومهما يكن من شيء فاتفاق مؤرخي الآداب على أن أول شاعر فارسي عظيم هو أبو جعفر

<<  <  ج:
ص:  >  >>