للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بينهما ليس بيديهي، فلابد من قانون يفيد ذلك التمييز، وهو المنطق).

ويعرف الفارابي المنطق في كتابه إحصاء العلوم: (فصناعة المنطق تعطي جملة القوانين التي شأنها أن تقوم العقل، وتسدد الإنسان نحو طريق الصواب، ونحو الحق في كل ما يمكن أن يغلط فيه من المنقولات، والقوانين التي تحفظه وتحوطه من الخطأ والزلل والغلط في المعقولات).

ونلاحظ على التعاريف أنها تجعل المنطق ميزاناً للتمييز بين الصحيح والفاسد من الفكر وتجنب الزلل.

ونلاحظ ثانياً أنها تجعل المنطق آلة لغيره من العلوم.

وكلا الاتجاهين لا يجعل المنطق علماً بل فناً.

قال صاحب الرسالة الشمسية (المنطق آلة قانونية تعصم مراعاتها الذهن عن الخطأ في الفكر) وعلق القطب الرازي على هذا التعريف بقوله: (والآلية للمنطق ليست له في نفسه، بل بالقياس إلى غيره من العلوم الحمية، ولأنه تعريف بالغاية. . .)

والمناطقة في أوربا في عصر النهضة وما بعده أخذوا بوجهة نظر العرب وجعلوا المنطق فناً لا علماً. والكتاب الصادر عن بور رويال عنوانه (المنطق أو فن التفكير) وهذا واضح الدلالة في التصريح بأن المنطق فن وليس علماً.

ولكن المناطقة المحدثين نظروا إلى قوانين الفكر في ذاتها، دون نظر إلى فائدتها في كشف العلوم، أو قيمتها في التمييز بين الحق والباطل والصواب والخطأ، ولهذا كان المنطق علماً، وألحقوه بالعلوم، وعرفوه بأنه العلم الذي يبحث في قوانين الفكر أو صور التفكير.

وهذا يبين فساد التعريف الرابع الذي أورده المؤلف وهو أن المنطق فن التفكير.

دكتور

أحمد فؤاد الأهواني

<<  <  ج:
ص:  >  >>